0%

المحظوظ من مات ودُفن سريعًا



منذ 8 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 3 دقيقة

حين حوصرت مع أهلي في عمق مستنقع الظّلم والخراب وتحت رحمة العدو الجائر، وانهالت علينا قذائف حقده وغضبه غير مبالية على من تسقط، نظرتُ نظرةَ خواءٍ إلى أُفقٍ لا يراه غيري، فرأيتُ خرابًا وسوادًا وظلمًا لا حدود له،
رأيت ركامًا تقف له عجاف الدهر مذهولة! كيف لها أن ترممه؟
رأيتُ المدرسة ملجأ..لا أمان فيه
وطابور الصباح طوابير..من جوعٍ لا نهاية له
رأيت لا شيء من أحلامي الكثيرة
رأيت لا شيء من الذي يسمى مستقبلًا
رأيت كل شيء ما عدا الحياة.
في لحظة يأسٍ قاتل، قلتُ متمتمة باحتجاج: أنا لا أُمانع أن أموت ولكن..
لا أريد أن أشعر بالألم
ولا أريد أن تقطع أطرافي ويتشوه وجهي أو يعمى بصري أو يحترق جسدي وأرى جروحي تتقرح أمام عيني
لا أريد ان أعيش بلا بيت وأن أشعر بالبرد والجوع والمرض والوهن
لا أريد أن أفقد امي وأبي وأخي وأختي وقريب أشتاق إليه كل ليلة
لا اريد أن أرى الكسر والحاجة في عين أبي
لا أريد أن أرى الحسرة والألم في وجه أمي

 

أنا لا أمانع الموت..أنا أرى الخلاص في الموت.
رفعت بصري لأنظر في عيونهم:
أدركت حينها أنها قالت كلّها كذلك
هل تعرف معنى أن يكون المحظوظ فينا من مات ودفن سريعًا؟


الوسوم

شارك


x