0%

كان عامًا اختُصر بثلاثة أشهُر



منذ 10 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 4 دقيقة

بعد السابع من أكتوبر، انحشرت كُلّ الذكريات والأحاديث والمواضيع ها هُنا، في تلك المُدّة الزمنية القصيرة. الذي أراد أن يفعل شيئًا فعلاً، الذي أراد تَسجيل موقف سجّل، والذي أراد الاستمرار في مجارات من يعتبرونه عبدًا لديهم، استمرّ غير آبه للأغلال وضجيجها على يَدَيْه.

الكثير من الصور، ذاكرة مُتخمة بصور لا تُطاق لأشلاء وأيْدي مُتطايرة، صور للبُكاء وصرير الأسنان. ذاكرة تتقيّأ الرُعب من عَيْنَيها. وفي مُقابلها أيْدي تُطلق الرصاص، وتحشو القذائف لتلتحم مع حامِلة جُند أو دبابة، وكأنّها تمسح الدمع عن خدّ يتيم، تُضمِد الجِراح، تُربّت على الأكتاف، تحنو على الخائفين. أيْدي لوجوه نجهلها، لكنها لقلوب نعرفها جيّدًا تصِل حرارتها إلينا حيث نحن. تتموضع في وجه الشرّ كلّه. أيْدي مُستضعفي الأرض بوجه الظلام كُلّه.

لقد كان عامًا بان فيه اعوجاج العالم بصورة صارخة، قفز إلى السطح ما عمد الجميع على ستره. على مدار السنين والقرون القليلة الماضية، كان ثمّة فئة من الناس وزُمرة من الدول، تقول أنا وحدي يحقّ لي العَيش والباقين بشر درجة منحطّة، وإذا لم يكونوا خدمًا لي فعليهم أن يكونوا سوقًا لأُصرّف فيه إنتاجي، وأيًا كان من يرفع رأسه رافضًا لذلك لا يستحقّ الحياة. 

لقد ضُربت في 7 أكتوبر وما بعده ذهنية المُستعمِر هذه، وما وحشيته الصارخة والوقحة في غزّة سوى ترنّح وحش ضُرب في عُمق صورته ووقاره. عاشت الأيْدي، مات نفاق العالم بحكوماته وجمعياته ومؤسساته ومُطبّلي أنظمته ووحوشه.


الوسوم

شارك


x