0%

2023 في غزة.. عام تتغذى عليه الذاكرة



منذ 9 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 4 دقيقة

لم يكن عاماً عادياً، ولن يكون، هذا عامٌ تتغذى عليه الذاكرة إلى أن تفنى، عامٌ لا يمر على الذاكرة مرور الكرام، عامٌ يسقط في القلب مكبراً، فخراً ووجعاً.

 

لم يكن عاماً عادياً، فهذا العام باركه عبورهم الكبير، وسواعدهم المجيدة، مسجلاً مشهداً للتاريخ بضربة قرن لم يعهدوها من قبل، تصنع نقطة أمل في كابوس أسود لعين.

 

لم يكن عاماً عادياً، تاهت البلاد فيه، وحارت مشاعرها بين فرحٍ وفخرٍ، وحزنٍ طويل. ودعنا فيه الشهداء، حُرِّر الأسرى، ومارسوا علينا كل أشكال الموت، وشهدنا فيه معجزات أبطالنا في الميدان تدكّ عدوها، وترثي فقدها العزيز وتبكيه.

 

لم يكن عاماً عادياً، فهذا العام شهد الموت جوعاً، والقتل مباشراً، وذلنا وهواننا على العالم، سقطت فيه الأقنعة عن العالم، وغدت المواثيق والقوانين الدولية مجرد أضحوكة أخرى تُسقطها إسرائيل وأمريكا أمام أعين العالم.

 

لم يكن عاماً عادياً، مُزِّقت أجسادنا، وسُحقت أرواحُنا، وشُوهت ذاكرتنا، قتلنا الفيتو بشكل متكرر، سلبت حقوقنا الإنسانية، وحوربت حتى إنسانيتنا، لكنه أيضا كان شاهداً حيّاً على أن الإنسان فينا لا يموت ولا يشوه.

 

هذا العام، لا أمنيات اعتيادية، لن ألصق على جدرانه أي من تلك الأماني، فكل أمانينا حقيرة أمام الموت والدم والدمار.

 

على عتبة العام الجديد لا أتمنى سوى الأمان والنجاة لغزة، ألَّا يزداد اليتامى واحداً آخر، ألّا ترى أما قلبها أمامها، أن يقدر الآباء على حفظ كبريائهم أمام أطفالهم، أن نموت كاملين، أن ينهي كهلنا حياته بدفء وأمان بين أحضان أبنائه المشتتين هنا وهناك، أن تنتصر السواعد المباركة، وألَّا تنطفئ شعلة المقاومة، أن يسقط المتسلقون كلهم على الأكتاف الطاهرة، وأن تتحقق لعنة العقد الثامن.

 

مضى عام عاشت البلاد فيه التناقضات جميعها، وورثت فيه الثأر لأعوام قادمة حتى التحرير بإذن الله.


الوسوم

شارك


x