0%

همساتٌ في وسط الأصداء



منذ 9 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 5 دقيقة

في قلب غزّة، وحيث حفرت الحروب بعمقٍ حكاياها في جوهر الحياة، تتكشف حقيقة وجودي في ظلّ 24 سنة كلّها اضطراب. أصبحت سمفونية الصّواريخ مثل الموسيقى التصويرية للأيّام، فيرنّ صدى كلّ انفجارٍ في فصلٍ من فصول حياتي، هذه الحياة التي كانت محفوفةً بالفوضى وبالصّمود.

 

وفي هذه التّدوينة يظهر صوتي إلى العلن، مثل فُسيفساء من المشاعرِ رسمتْها فرشاةٌ من الصّراعات. في طيّاته يحملُ القماشَ المكوّن لي شهادةَ المعاناة التي لم تُحكى، ولكنّها حيكت في نسيج وجودي، وألقتْ الحروبُ بظلالها على كلّ ناحية من حياتي، وسرقت منّي لحظات وأحلام، ومع ذلك تستمرّ روحي غير آبهة.

 

أحلمُ وأحلمُ بحياة يغمرها الهدوء، حيث يكون الهواء صافيًا من دخان المعركة النفاذ، ومع كلّ نفس آخذه أتوق إلى السّلام، إلى راحة من الفوضى الدّائمة التي أصبحت نمطًا معتادًا في حياتنا، ولكنّ الأحلام تستمر، بوميض من الأمل في أحلك اللحظات، وهذه شهادةٌ على روح الإنسان التي تعجّ بالتّناقضات!

 

ومما حيك في سرديّة حياتي الحقيقة المؤلمة في مُشاهدة النازحين، هؤلاء هم الأرواح التي تُركت عائمة في الشوارع التي لا تغفر، وهي تبحث عن ملجأ من البرد القارص. هذا المشهد يخترق درع الصّمود في تذكير صارخٍ بالمعاناةِ التي يعيشها شعبي بأكمله.

 

وعلى الرّغم من كلّ ذلك، ومن وسط الرّكام وأصداء الحرب: الأمل يثبت ويستمرّ. ورغم النّدوب المحفورة على جدران روحي فإنّ هنالك إيمان راسخ أنّني في يوم من الأيام سأستنشق هواء الحياة الهادئة. ومع كلّ صعوبة أواجهها أو حلم يتحطم أمامي تزداد شعلة الصّمود اتّقادًا في داخلي، وفي وسط عالم تشوبه الصّراعات في كثير من الأحيان تظلّ أحلامي ثابتة، تتلخص في حياة مطمئنّة حيث الصّدى الوحيد هو صدى السّكينة، وحيث يجد النّازحون سكنًا لهم في دفء البيوت وليس على قارعة الطريق.

 

الرّحلة طويلة، والدرب شاقّ، لكنّ الأمل بصموده وعناده يقودني دومًا إلى الأمام.


الوسوم

شارك


x