0%

نصوص عن الحرب من داخل غزة



منذ 9 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 23 دقيقة

تالا

 

تالا

 

تالا

 

رحلَ الجميع، لكن على القصّة أن يرويها أحدُهم!
عليه أن يتجرّع علقمَ الحكاية، كانت تالا هي الشّاهد والرّاوي كلّ من في البيت غادروه، رحلوا للسّماء، الأم والأب والإخوة وأجدادها، تالا بهذا الوجهِ تخرج علينا، تحملُ جِراحًا في وجهها لكنّ جرح قلبها أكبر!
ستختفي جِراح الوجهِ ليبقى جرح قلبِها للأبد.
تالا أبو دقّة.

 

  • 8 أكتوبر 2023

 

 

أكتبُ في الموتِ واختياراتِه بإمعان، هل حُزنًا أم انتقامًا من الألم؟

 

دعاء، آتيكِ مكسورةً بقلبٍ يرتجفُ من الصّدمة، كيف ترحلين بهذه السّرعة، لم تُخبرينا بهذا الرّحيل ولم تُمهّدي لنا، حينَ اجتمعنا قبلَ أسبوع في يوم الجمعة تحديدًا في آخر مرّة التقينا بها معًا كلّنا، كان تخطيطُ القدر لنا أكبر..كان الفراقُ خلفَنا، كان الموتُ قريبًا منك ولم نشعر، كنّا معًا من بعد الساعة السّادسة والنصف صباحًا، ضحكنا كثيرًا ضحكنا حقًّا كثيرًا في عرضِ البحر ضحكنا أكثر، لم نكترث لأشعّةِ الشّمس وما صنعت بوجوهنا، كان يومًا خياليًّا، لم نتوقّف لحظةً عن الحديثِ والضّحك.

 

كيف انتهى كلّ هذا، كيف سنمنعُ أنفسَنا من البُكاء حين نردّد "الحسكة طايرة طير يا مهدي"، كيف مَضى كلّ هذا الوقت منّا، أسرعتِ في الرّحيل أنتِ، قسمتِ قُلوبنا وفُجعنا برحيلك.
دعاء الجميلة أرثيك بقلبي الحزين وأبكيك ولا أملكُ من اللغة حرفًا واحدًا سوى أننا حظينا معك بأجملِ الذّكريات، لروحك السّلام يا حبيبة والصّبر لنا ولكل صديقاتك.

 

وداعًا دعاء
حيثُ المكان الذي لا حزن فيه ولا بُكاء.

 

  • 12 أكتوبر 2023

 

 

النّكبة للمرة الثّانية

 

أدمنتُ صناعةَ الفيديوهاتِ القصيرة هُنا "الرّيلز"، هذه المرّة بينما تنعمُ بفراشِك هُناك المئات بل الآلاف والملايين باتوا ليلتَهم الأولى بين شارعٍ ومركزِ إيواء، من هُنا، هذه أنا هالة أحدّثكم عن أبشعِ ما عشته بينَ ليلةٍ وضُحاها.

 

لم يخطرْ يومًا في بالي بأنّني سأعيشُ شعورَ النّكبةِ والهجرة، بعد أن كانت النّكبة في خيالي هي نكبةُ القلبِ والشّعور، باتت الآن نكبة حقيقيّة، أعيشُها بكلّ تفاصيلها، في الشّارع كلّ الناسِ تركضُ خلفَنا، تهديدات من عدوّ لا يفهمُ إلا لغة واحدة: من سرقَ البيت يطردُ صاحبَ البيت، هُنا أنا أكتب والدّموع لا تتوقّف، كيف مرَّ هذا اليوم! كيف سمحَ لنا الجميع بالرّحيل! هنا وجدتُ نفسي في مركزِ إيواء تابع لوكالةِ غوث وتشغيل اللاجئين، مكانٌ كبير يضمّ كلّ من يعمل لدى ال UNDB، تحوُّل المكان من كليّة جامعيّة لمركزِ إيواء، لكنّه يفتقرُ لأدنى درجاتِ احترامِ البشريّة.
ليلة سيّئة قاسية كانت مليئة بالقهر، كلّ الوجوهِ كانت من حَولي شاحبة، جميعُهم يعيشون حياةً مليئة بالرفاهيّة، باتوا الآن ليلتَهم على الأرض، يتشاجرون على " فرشة" للنوم، کم خريف مرّ على هذا القلب وما يزال، اللّٰهم لك الشّكوى، اللّٰهم إنّا مغلوبون فانتصر.

 

  • 13 أكتوبر 2023

 

 

نفرّ من الموت إلى الموت

 

من الموتِ إلى الموت، نفرُّ هاربين غير خائفين، الفَرار نحوَ اللّٰه فوزُ، الفرار من الموتِ مشقّة، أمامُ خوف صغيرتي جَبنت..كيف يكسرُ خوف أطفالنا ما لا يَقوى الجبل على كسره! كلّ الكبرياء أمامَ نومهم على الأرض يموت، لم يهزمني أمرٌ في كلّ هذه الدّنيا سِواها صغيرتي "تولين"، أتنقّل بين مُحافظات المدينةِ من أجلِ البحث عن مكانٍ يليق بها، مكان يهزمُ خوفَها، لكن لا أمانَ هنا، الأمانُ في السّماء، ونحن كلّنا يا الله نُناجيك أن تَحُفّنا بالأمان.
للّٰه صبرنا.

 

  • 14 أكتوبر 2023

 

 

لا نعرفُ أخبارنا

 

الآن يتملّكني شُعور بأنّنا ضائعون بلا موطِن، شعورٌ أنّنا قد افترقنا عن قُلوبنا في ذاتِ المدينة، كلّنا تفرّقنا لا نعرفُ أخبارَنا، أخواتي العزيزات سميرة ووفاء وشيماء، أكتبُ لكن دون ترتيب للحبّ فحُبّي لكُنَّ لا يُقاس، هذه أطول مُدّة نفترقُ عن بعضنا في ذاتِ المدينة لكن أخبارنا مقطوعة، هذا حال الجّميع هُنا، كّلنا تفرّقنا، لا نعرفُ أخبارَنا.

 

أخواتي العزيزات..قسّمنا العدوّ لمناطق، فرّق جمعَنا وأدخلَ الخوفَ للقلوب، يكبرُ الإنسان هُنا دفعةً واحدة لكنّه لا يموت مرّةً واحدة، يموتُ مرّات ومرّات، أجلسُ هنا بعيونٍ مُتوّرمة من القلقِ وقلّة النوم والبُكاء، شبحُ الموت مازال يُلاحقنا.

 

بسم اللّٰه قبلَ البُكاء، بسم اللّه على قُلوبنا، بسم اللّٰه على العُيون المُتورمة والفؤادِ الخائف، هذه بضع كلماتٍ أكتبُها بقلبٍ مكسور، إن كانت النّهاية فلا سامحَ اللّٰه من دعمَ وأيّد، لا سامح اللّٰه كلّ القيادات العربيّة، وإن كتب اللّٰه لنا النّجاة فأنا واللّٰه لم أفرح يومًا إلا بشقّ الرّوح، سأتوقّف عن الرّكض وسأحيا من أجلي مرّةً واحدة.

 

إن كنت تقرأ كلماتي إيّاك أن تسمحَ للوقت أن يسرقك مثلما فعلَ بي، اغتنموا الأمان واجعلوا حلمكم واقعًا، إيّاكم أن تسمحوا أن يذهب عمرُكم سُدًی، لا تكونوا ضحيّة الانتظار مثلي.
للّٰه هذا القلب وما فيه.

 

  • 18 أكتوبر 2023

 

 

رائحة الموت

 

رائحةُ الموتِ هُنا أقوى من الحرب وتجّار الحُروب، لم أر شيئًا أكثر حُزنًا من هذا المشهد، تجمّدت مَكاني ولم أملك سِوى هاتفي أرفعه على استحياء، أوثّق فيه ضعفنا وقلّة حيلتنا، أمام خيمة مُتهالكة يقف مُمرّض يسأل المارّة "هل تعرف أحد الموتى هنا؟"

 

إن كانت إجابتُك نعم عليكَ حمل الجّثمان والمُغادرة، لا تُفاوض وأنتَ ترتدي ربطة عُنق فاخرة، اجلس هُنا أمام الجّثث المجهولة ثمّ فاوض، لا تقبل بالقليل، فكلّ الرّاحلين كانوا أقمارًا وباتوا الآن جثثًا تنتظرُ من يتعرّفُ عليها ليُواريها الثّرى، يا اللّٰه ماذا فعلت بنا الحرب!

 

أمّا هُناك وأمام ثلّاجة الموتى لم أقوَ على إخراجِ هاتفي، كانت الصدمة تأكلني، هناك الكثير الكثير! كلّهم على الأرض تمشي بينهم تبحثُ عن طريق، الطريقُ هنا مُزدحم، مُزدحم بنا نحنُ الأموات، كلّ الذين ماتوا قد نَجوا، نحنُ الأموات وهُم الأحياء.

 

  • 5 نوفمبر 2023

 

 

الوجوه المزيفة

 

تكشفُ الحرب كلّ الوجوهِ المُزيّفة، تسقطُ الأقنعة حينَ تشتدُّ الأزمة، لتلعن الاحتلال مرّة وتلعن المُنافقين ألفًا، كلّ مُستغلّي الأزمة لا باركَ اللّٰه فيهم..كلّ مُحتكري البضائع سوّد اللّٰه ما تفعلون، يُحاربنا العدوّ ويفشل ويهزمُنا القريب فنحزن، المأساةُ لا تتوقّف، تعيشُ المدينة في صراعٍ لا يتوقّف وحزن العزيز حين يُذلّ، سيّارات المياه كلّها صنعت للمُعاناة وجهًا أصعب، نُعاني حصارًا واستغلالًا وغياب رقابة، صراعُ البقاء وصراعُ الوجوه المُزيّفة، سائقو التّاكسي وبائعو الدّقيق، كلّنا أمام اللّٰه مُحاسبون، من يمنعُ المُساعدة عن جاره سيقفُ أمامَ اللّٰه، سیحول جشعه بينه وبين الثّواب، لا بارك اللّٰه في الحُروب وتجّارها.
ما زلنا أحياء.

 

  • 7 نوفمبر 2023

 

 

أمّي وابنتي وأنا

 

هذه الصّور التقطتُها برفقةِ ابنتي وأمّي، احتفظتُ بهم في انتظارِ مُناسبة تليق بهما وبجمالِهما، لم يخطرْ في بالي بأنَّ المُناسبة هي الحرب، وأنَّ الحَرب ستُغلق علينا كلّ أبوابَ الحياةِ ولن يبقى أمامَنا سِوى باب واحد، هو باب الموت!
ثلاثتنا نعيشُ ظروفًا قاهرة كما هو حال الجّميع هُنا، لا كهرباء ولا ماء ولا لحظةَ هدوءٍ واحدة من دونِ قصفٍ مُتواصل، هدمَ بيتَنا ثم نزحنا لمكانٍ يتلوه مكان آخر وآخر، ونحنُ الآن نتواجدُ في الشّمال؛ حيثُ الموت هنا سريعٌ وقريب.
استودعناك يا اللّٰه أرواحَنا.

 

  • 11 نوفمبر 2023

 

 

تمكّن الخوفُ منّي

 

صوتُ إطلاق الرصاصِ يقترب، صوت الدّبابات يقترب، إنّها بجانبنا الآن لكن لا أعلم أين، قلبي يرتجف، هذه الحرب غيّرتني صنعت منّي إنسانة لا أعرفها، تمكّن الخوفُ منّي، لا يتوقّفُ قلبي عن ضخِّ دمه بسُرعة، أضع يدي على قَلبي طوال الوقت وأستودعُ نفسي وابنتي وكلّ الأحبّة، أستودعُ كلّ المدينة عند اللّٰه وأحاول النوم، أحاولُ النومَ لكن كيف ينامُ الخائف!

 

عُرفتُ منذُ طفولتي بقلبي القويّ الشّجاع، هذه الحرب قلبتني رأسًا على عَقب، وجهي شاحب، أفقدُ وزني بشكلٍ مُلاحظ، هادئة ولا أتحدّث كثيرًا، كلّ ما أفعله هو الدّعاء "بسم اللّٰه الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء في الأرضِ ولا في السّماء وهو السّميع العَليم".

 

  • 16 ديسمبر 2023

 

انتهى العام لكنّ الحرب لم تنتهِ بعد!

 

31 ديسمبر..وفي ديسمبر تَنتهي الأحلام، الشّهر الثّالث يمرّ علينا ونحنُ نازحون في وطننا، العالمُ كلّه يحتفل بينما جرحُنا ما زال ينزِف، اليومُ الأخير لهذا العام ولم يتغيّر حالُنا إلا للأصعب، مثل هذا اليوم من كلّ عام أحتفلُ وأكتب نصًّا أجمعُ فيه كل إنجازات العام وذكرياته، أحرصُ جيّدًا على التقاطِ صورة مُميّزة تُشبهني لأسردَ تحتَها صَنيعي، هذا العام كان مُختلفًا منذ يومِه الأوّل، لم أتمنّى به أيّ أمنية ولم أحتفل به كأنّ حدسي يعلمُ بأنّ هذا العام مُختلف علينا جميعًا.

 

ربّ الخيرِ لا يأتي إلا بالخير فالحمدُ للّٰه الذي أحيانا حتّى يومنا هذا، الحمدُ للّٰه حمدَ الصّابرين الشّاكرين، الحمدُ للّٰه الذي كتبَ علينا الرّباط ورَضينا فأرضانا.

 

انتهى عام ودّعنا فيه الرفاقَ والجيران، انتهى عام فقدنا فيه بُيوتنا، فقد دمّر الاحتلال بيتَنا وبيتَ إخوتي وأخواتي، كلّنا الآن بلا مَأوى بلا بيوت، نزحنا في وطننا، هذا ليس حالنا هذا حالُ كلّ من داست عليه الحرب، إنّها حرب جبّارة مملوءة بحقدِ العدوّ علينا، تجرّعنا الحَسرة في كل بيتٍ دمّره وكل عزيزٍ قتله، لكنّ اللّٰه معنا، نحنسبُ صبرَنا وحزننا وجوعنا عند اللّٰه، وما عندَ اللّٰه باقٍ لا يضيع.

 

  • 31 ديسمبر 2023

 

كيف وصلنا إلى هنا!

 

في غرفةٍ لا تتجاوز مساحة النّفس، نعيشُ كلّنا..نتكوّم في ذاتِ المكان المُهترئ في مُحاولةٍ للبقاء وأخذِ نفسٍ أطول في معركة لا نتوقّف بها عن الانتظار، في مكان لا يُشبه بيوتنا ولا أحلامنا نقضي فيه ليلَنا ونهارَنا. تحتضنُ أختي كما أحبّ أن أناديها 'سماسم' صغيرَها إسماعيل وخلفها حائط غرفة قد مرّت بصماتُ الاحتلال عليه، رصاصاتٌ تخترقُ الحائط باتت تشبهُ مزهريّة أو حتى برواز، أسرحُ بخيالي..كيف تغيّر الحال؟ كيف وصلنا إلى هنا!

 

لا أعرفُ متى ستتوقّف هذه المرحلة من العذاب، لكن ما أعرفه أننا قد قطعنا شوطًا طويلًا من الموت والعذاب، لا ضيرَ في بعضِ الانتظار، واللّٰه وليّ الصّابرين.

 

  • 15 يناير 2023

الوسوم

شارك


x