0%

أمير: شيخي ورفيقي شهيد



منذ 9 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 7 دقيقة

أنتَ وأهلي في يومٍ واحد، بل في دقيقةٍ واحدة، ماذا فعلت لتقسو الحياةُ على قلبي لأفقدك وأهلي في آنٍ واحد!

 

واللّٰه يا حبيبي ثقيلةٌ وكثيرةٌ عليّ! يا نعمَ الصّحاب يا أرشدَ العُقول يا أنبلَ النّاس، ابنُ خالتي ورفيقُ دربي وشيخي وداعيتي [أمير]..كسرتَ ظهري وفجعتَ قلبي واللّٰه لو أبكيك وأرثيك طول العُمر لا يكفي ولن يكفي، في الجنّة سنلتقي في منزلةِ المُحسنين التي تُحبّها وحدّثتَني عنها كثيرًا يا أعزّ الرّفاق.

 

أمّا أنتم دعوني أحدّثكم عن هذا الوجه البهيّ، هذا هو أمير ابنُ خالتي ورفيقي منذُ الصّغر، حيث أننا درسنا الرّوضة سويًّا، وتشهدُ علينا زِقاق الحارة كما ركضنا بها، والمدرسةُ الإبتدائيّة كم تفوّقنا فيها، ومنزلهم كم أكلنا الخيار واللّبن معًا منذُ الصّغر، ويشهد الصّباح والمساء كم شربنا القهوة معًا بكلّ حُب وبأصوات ضحكاتٍ عالية، وتشهدُ جامعتنا كم تلاقينا فيها، ويشهدُ شيبس [ليون] الذي يحبّه بالشطّة والليمون كم أكلناه سويًّا، ويحبّ البومليت والشوكولا، وتشهدُ الذكريات جميعًا علينا التي لا تُعدّ ولا تُحصى حقًّا.

 

أمير الذي يبلغُ من العُمر اثنين وعشرين عامًا، حافظٌ لكتاب اللّٰه وحاصلٌ على السّند وصاحبُ صوتٍ جميلٍ جدًّا في تلاوة وتجويد القرآن الكريم، تخرّج أمير هذا العام من الجامعة الإسلاميّة في غزّة بتقديرِ امتياز من تخصص أصول الدّين، وكان يحلمُ أن يخرج خارج غزّة ليكملَ مسيرته التّعليميّة ويدرس الماجستير في تخصص مُقارنة الأديان، رغم أنّه كان يحكي لي دومًا: "هذا التّخصص مش سهل مش أي حد بدرسه ولكن حدرسه"، وأشهدُ له ولعقلهِ الثّمين الرّشيد البالغ الفاهم العاقل أنّه قادر على دراسته، لما يزنُ عقله بحجمِ هذا العالم أجمع، فأمير عقله بسم اللّٰه ما شاء اللّٰه عليه لم ولن أرَ في حياتي مثله قط وعلى أصدقائه الشّهادة بهذا.

 

في الجّانب الآخر، كان أمير يحبّ الحياةَ كثيرًا، يحب الحياة ويُناديني دومًا لنشرب القهوة معًا ونذهب للبحر معًا ونشاهد كرة القدم معًا، كان يحب الدّوري الإنجليزيّ كثيرًا ويشجّع السيتي ويحبّ غوارديولا كثيرًا، عاشق لبرشلونة ولا أنسى فرحتَه وردّة فعله في الكلاسيكو حينما يسجّل فريقه الهدف، يحبّ أن يلعب الشّطرنج ومحترف فيها.

 

من أعماله التي لا يعلمها أحد غيري وقليل من مُقرّبينه، أنّه كان لا يرفضُ لأحد طلب أيًّا كان قريب أو بعيد، وأشهد أنّه كان يمشي كثيرًا مُنذ بدء الحرب على غزة ليساعد ويغيث المُحتاجين ولو بالقليل، وكان يُؤثر على نفسه غيره حتّى لو كان غريبًا، فواللّٰه لم أرَه رفض طلبًا لأيّ أحد قط.

 

واللّٰه يشهد، كان يريد أن يذهب لبلادٍ بعيدة ليدعُ للإسلام وكان يليق به أن يكون داعية؛ لأنّه من المُحسنين، والمُحسنين أعلى درجاتِ الإيمان وأصدقِهم، ولا أزكّيهِ على اللّٰه، ولكنني مُتأكّد أنّه منهم لأنّه كلّما حدّثني عن منزلةِ المُحسنين كنت أرى في عينيهِ الشّغف والحب ليكون منهم، وكان جاهزًا للقاءِ ربّه وتليقُ به الشّهادة.
حبيبي وصديقي وداعيَتي ومُحسني أمير سامي أبو معمر، إلى لقاءٍ قريب في الجّنة يا حبيبي.

 


الوسوم

شارك


x