0%

أن تكونَ من سُكانِ غزة



منذ 8 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 5 دقيقة

أن تكونَ من سُكانِ غزة يعني أن ترى الظلم بأُم عينك، أن تكونَ شاهد عيانٍ حياً على كل ما يجري من حولك، أن تُشاهد دماء وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والرجال على الأرض، وفي كافة أزقة المدينة والكلاب تنهش بها مُستباحةً بهدرها، أن تسمع كافةَ أصوات القـصف العِدوانية من جوٍ وبحرٍ وبر دفعةً واحدة؛ ستؤول فيما بعد لمشاكل مزمنة للأذن من قوتها على المَسمع، أن ترى الأمُ، وهي تصدَح بصرخاتها وويلاتها عند رؤية جُمجمةِ طفلها مُلقاةً على الأرض وطفلٌ يُزيل الركام ليبحث عن ملجئهِ الآمن "أباه " وطفلةٍ تُنتَشل من تحتِ الركام بعد خمسةِ أيام لتجدَ نفسها قد خسرت أمها وأباها وإخوتها كافة.

أن تكون من سكان غزة، أن تُحرم قطرةَ ماء نظيفة وطعامٍ لأسابيع، أن يُصبح من المُعجزات أن تستحمَ أو أن ترتوي ماءً أو أن تأكلَ طعامًا بنوعه، أن تَكون إنسانا أكرمهُ الله ببيتٍ يسترهُ وبلمحِ البصر يُهدم ويجدُ نفسهُ مُجبرًا على النومِ بالشارع، أن تعيش الصدمة تلو الأخرى وبشكلِ مُفجع من غير أن تقف لدقيقة واحدةٍ لتُدرك ما يحصل معك وحولك، أن تُحرم الأمن والأمان والسكينة وكافةَ مقومات الحياة الأساسية للإنسان، أن تعيشَ الاضطرابات النفسية من قلقٍ وفزع بالصحوةِ والنوم، أن لا تُصَنَّف كإنسان له الحق في الحياة، ويجتمعُ عليك العالم كله لإخماد صوتك، وقتلك على مرأى الجميع وبِصمتِ كلِّ سكان الأرض، أن تفتحَ بعد ذلك التلفاز ليخرُج ذاك العد والكاذب مُتبجحًا بكلِّ وقاحة ساردًا الأكاذيب " نحنُ مُلتزمون بالقانون الدولي، ولا نستهدف المدنيين، ومن واجبنا حمايتهم وإيصال مستلزمات الحياة الأساسية لهم".

بأيِّ عالمٍ نعيشُ نحن؟
الكاذبُ فيه يُصدق والصادقُ فيه يُكذب!
هل جُرِّد هذا العالم من الإنسانية والسلام؟
أم أنَّهُ طوال عُمرنا قد عِشنا بوهمِ إنسانيتهم الخدَّاعة؟
كم يُصيبني الاشمئزاز من هذا العالم الظالم ولكل ما يحصل من ظلمٍ وجبروت للشعب الفلسطيني الذي ليس لهم وكيل سوى الله.
قال تعالى "و سيكفيكهم الله، وكفى بالله وكيلا"


الوسوم

شارك


x