0%

عن الشهيدة بتول نعيم



منذ 8 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 5 دقيقة

بابا، أنا حلمت إنّي استشهدت
قلت لها: عادي، مع اللي بيصير كلنا راح نستشهد
5 مرات خلال الحرب، أبلغتني بأنها حلمت بأنها استشهدت، كنت أتخيل إنه من خوفها من شدة القصف بأنها تخاف من الموت، فقلت لها ممازحًا: خلاص عاد، إذا صار قصف واستشهدتِ، كلنا حنروح فيها، فبلاش أحلام من هذا النوع.

بتول..
لها من اسمها كل النصيب "الطاهرة" الأكثر حرصًا على الصلاة في وقتها، بمجرد سماع الأذان تترك كل ما في يدها لتصلي، حفظت أجزاء كثيرة من المصحف، لا تعرف الغل ولا الحقد، متواضعة جدًا.

بتول..
الذكية جدًا، المثقفة، تعشق القراءة الخارجية، والسباحة، كان مناها أن تصبح لاعبة كرة سلة، وهذا ما رفضته لها.

بتول..
تميزت في شخصيتها، وخاصة في مدرستها، كانت تقود ولا تُقاد، اجتماعية جدًّا، تصاحب من أكبرها سنًّا، ولا تترك مجالًا للملل في أي جلسة تشارك فيها.

بتول..
صبية في السابعة عشر من عمرها، في الثانوية العامة، كانت تخطط لنفسها بصمت، لا تحب أن يخطط لها أحد، منضبطة بجدول دراستها لوحدها دون أن يدفعها أحد لذلك. كنت أشجعها على أن تكون من أوائل فلسطين في الثانوية، فتضحك وتقول لي: أنا ما بدي أدرس طب، ليش أتعب نفسي، ال 90% كمان مقبولين، لكنني عرفت من أخواتها أنها تخطط لتفاجئني بنتيجتها في التوجيهي.

كانت رغم لدغتها في حرف القاف، متكلمة مفوهة، أرى فيها متحدثا باسم الضعفاء، أو محاميًا للفقراء والمظلومين، كانت تعاند بصمت، وتعمل ما يحلو لها دون أن تثير ضدها أحد، لا تحصل منها على شيء إلا إذا اقتنعت بطلبك.

بتول..
مزاجها دائما هادئ، تحب المزح و "نكشة الراس", حتى في الحرب، كانت تعمل فينا مقالب تقتلنا من الخوف.
ذهبت بتول بعينيها الجميلتين إلى ربها، تشكو ببراءتها وتواضعها ظلم المحتل وجور القريب والبعيد.
تحقق حلمها بالشهادة فنالت بيتها في الجنة، ولعل الله يرزقها ما منعتها منه، ملعبًأ لكرة السلة، ولكنني فقدت قطعة من قلبي كنت أحلم لها بمستقبل متميز في عالم اللا طب واللا هندسة، في عالم الأدب أو القانون.
تقبل الله بتول الصبية في عمرها، الطفلة في قلبها، وجعلها شفيعًا لنا يوم القيامة..


الوسوم

شارك


x