من نزوحٍ إلى آخر
العشرة الأوائل من فبراير: لقد بدأ الحديث عن اجتياحٍ وشيك لرفح، أو كما يسمّيها العدو "مناورة برية في رفح"، فزاد من معدّل غاراته هنا، وبدأ القلق يجتاح عقول وقلوب النازحين قبل السكان الأصليين للمدينة، تُرى إلى أين النزوح القادم!
إلى أي جهة من القطاع سيكون النفي الجديد؟ أم أنّهم سيُعيدونا إلى ديارنا ومنازلنا وأحيائنا؟ حسنًا، على كلّ حال، سننتظرُ تعليمات الجيش كالعادة كي يخبرنا ماذا نفعل. وهل هذه حياة؟ هل هذا منطق؟ هل يجب علينا أن نلتزم بتعليمات "جيش الدفاع الأخلاقي الإنساني" كي لا يواجهنا ذات المصير الذي يواجه أهلنا في الشمال وغزة بعد صمودهم؛ أن قُتِلوا بالجوع والبرد والعطش والقنابل معًا؟ هذا هو النّزوح اليوم، أنت تفكر دائمًا في النزوح التالي، أمرٌ غاية في الذل، متى ستكون النهاية! أرجوكم دعونا نُبصِر النهاية!
على كل حال، أكتبُ اليوم لأننا ختمنا شهرين من النزوح في خيمتنا في مواصي رفح، شهرين على المعاناة والألم والسواد والظلام وكل المعاني والمصطلحات التي تعبر عن المأساة، أكتبُ اليوم لأنني التقيت أصدقائي بالأمس في خانيونس، التقيتُ محيي وخالد والرفاق مع الأرجيلة ورمينا بعضنا بقذائف الذكريات التي تفتك بقلوبنا، ذكريات الطابق والكثير من الرحلات والجلسات، أكتب اليوم بمزاجٍ أفضل لأنني تمكنت من المساعدة وفعل الخير الذي أقدِر عليه ومكنني الله على فعله.
يا صديقي..نحن الأحياء لقد ذُبحنا بسكينٍ حافية، وفاز الشهداء والله، ارتاحوا ونالوها، هنيئًا لهم الشهادة، ونحن الأحياء أعاننا الله على ما نعيش في هذه الحرب البربرية والنزوح القاسي.