0%

زوج أختي نداء: الشّهيد المجاهد محمّد



منذ 8 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 6 دقيقة

أكتبُ وترتبك منّي الكلمات، كيف سأصفُ حُزني وحزن أختي وحزن ابنتها وعائلتنا جميعها! هذا الفقد أكبر من القدرة على التّعبير.

 

أختي الجميلة نداء عُمرها أربعة وعشرون عامًا، تزوّجت محمّد وعاشت معه عامين وتسعة شهور، لم تُكمل حتّى عامها الثّالث، واستشهد زوجها في يوم 7 أكتوبر.

وكيف سأصف لكم محمّد؟ محمّد طيّب جدًّا، مؤدب وخلوق، بشوش وجهه يضحكُ دائمًا للجميع، ينصحُ الجميع ويرشدهم ويقف معهم عند حاجتهم له. عرفناهُ ثلاثة سنوات ما رأينا منه شرًّا أو إساءة واحدة! كان دائمًا يتفقدنا ويتذكّرنا بأصغر التّفاصيل، ويفاجئنا بما نحبّ هو ونداء سواء في عيد ميلادٍ أو شهر رمضان رمضان أو العيد، وكان يعتبرنا جميعًا مثل أخواته، يستقبلنا في بيته بودّ ولُطف، يحبّ الجميع والكلّ يحبه.

 

محمّد استشهد فجأة يوم السّابع من أكتوبر، ولن أستطيع أن أصف الصّدمة التي عشناها، نزل الخبر علينا مثل الصّاعقة، ولو أبصرتم نداء يومها لعرفتهم ما الذي أقصده، هذا الخبر كسر قلبها وفطر روحها، مع أنّ محمّد كان يدعو دائمًا أن ينال الشّهادة في سبيل الله، وكان يطلبها، ولكنّ خبر استشهاده كان مؤلمًا لأبعد حدّ.

 

نداء كان لديها بيت جميلٌ بكلّ تفاصيله، يا الله ما أجمله! لم يكن ينقصه شيء، ولكنّ البيت قصفه الاحتلال، خسرت بيتها وزوجها وكلّ ذكرياتها معه، وهذا الجرحُ في قلبها لا يشفى، خاطرها مكسورٌ وحزينة بعمقٍ مخيف، نحاولُ أن نصبّرها ونقوّيها، ولكننا بحاجة إلى من يصبرنا، فقد فقدنا أخًا لنا كنّا نحبّه ونبكيه نحنُ أيضًا.

 

 

من فضلِ الله نداء لديها صغيرةٌ جميلة اسمها "أشرقت"، وفي الشّهر القادم ستتم من العُمر عامين إن شاء الله، اسمها أشرقت وهي تُشرق علينا كلّ يوم بنورها، يا الله كم تُشبه أبيها! ضحكتها جميلة وتنشرُ الحبّ في كلّ بقعة تلمسها. محمّد كان ينتظرُ أن تكبر أشرقت بشوقٍ كبير، كان يضحك دائمًا ويقولُ لها: "وكتيش يا بابا شعرك رح يطول وتصيري تناديني باسمي [محمّد]؟"
[وكتيش أي: متى؟]

 

تكبرُ أشرقت كلّ يوم أمام أعيننا دون أن يلعب أباها بشعرها، أو يغدق عليها من حبّه وحنانه ودلاله، ودون أن يحضر في حياة نداء، أختي نداء التي أحبّها حبًّا يغمر الأرض كلّها، هي المفضلة لديّ والأقرب من بين أخواتي، متعلّقة بها أنا بشدّة، حنون هي وهادئة جدًّا، لا تجرح أحدًا ولا تُغضب أحدًا، وعندما كانت في بيتها كانت أهل الكرم والجود، تحبّ استقبال الجميع ويحبّون زيارتها، وتسعدُ بشكل لا يوصف عندما يشتري أحد لها هديّة! كانت تتصلُ بي وتقول: "نجّولة، وين أنتِ؟ يلّا تعالي عازماكِ عندي"، فأذهبُ إلى منزلها في كلّ أسبوع، وتكون قد حضّرت لي كلّ ما أحبّ من الأطعمة وجوّ الراحة والحبّ.

 

قلتُ أنّ الكلمات ترتبك، لا تعرفُ كيف تصوغ نفسها، لا أعرفُ ما الذي سأقوله..لله كلّ حزننا وانكسارنا.


الوسوم

شارك


x