ليتني أعيش في غزة
نشأت بعيدا عن فلسطين، وكنت أزورها في العطل الصيفية في صغري، ورأيت غزة مرتين أو ثلاثة منذ أكثر من 40 عاما كبرنا وكبرت فلسطين في قلوبنا غادرناها ولم تغادر هي قلوبنا.
لا أذكر من غزة سوى بحرها ورمالها الذهبية الناعمة، وشجرة توت كبيرة لعبنا تحت ظلالها.
وخلال هذه الأعوام كنت أتابع كفلسطينية لا أملك حق العودة كل شبر في بلادي فنحن وإن بعدنا لا يزال حبلنا السري ملتفاً حول قدسها نستمد منها الحياة.
لكن غزة، غير لم تركع يوما لم تتهاون أرض الجبارين مع الاحتلال وخنازيره.
حرب وراء حرب نتابع ندعوا ندعم بما نملك ولا نملك بكل جوارحنا وبقيت غزة، ولم تركع أرض العزة.
هذه الحرب المتجددة التي لا تنتهي هذه المرة غير.
غزة غيرت حياتي للأبد ومعظم سكان العالم الأحرار
لم ير العالم نظيرا لغزة ولن يرى.
الحرب لا نعيشها بأجسادنا، ولكن تسكن أرواحنا.
أصبحت أرواحنا مثقلة بالجروح، وبُتِر أطراف منها، لكن الموت لا يريحنا ولا نستشهد ونترك العالم المنافق خلفنا لنشكوى لله همنا ونطالب بثأرنا.
أصبح النوم الدافئ إثما يقض مضاجعنا والحمام بالماء الدافق عارا يصعب المواجهة.
ومجرد الابتسامة لا الضحكة صفعة تحبس أنفاسنا
يا غزة، وإن كنا بعيدين عنك بأجسادنا فأرواحنا تجوب شوارعك تعانق المباني المنهارة، وتقبل أقدام الملثمين والأطفال قبل الكبار.
ليتني أعيش في غزة أعيش همها وهم شعبها، وأموت مع أهلها فعلا فنحن هنا نموت ألف مرة، ولا ننال شرف الشهادة أو حتى العيش بجانب الشهداء.