0%

الشمال محروم والجنوب مجنون


هل قرر المُحتل اللعب على نفسية الإنسان القديم ليرحل عن مكان إقامته بسبب الجوع بعد أن فشلت كل خططه بترحيلنا؟


منذ 8 أشهر
الوقت المقدر للقراءة: 4 دقيقة

لم تَعُد تُزعجني أو حتى تؤثر بي فكرة أن العالم لم يأبه بموتنا على مدار حياتنا في غزة، لم تَعد تؤلمني أننا هُنا في مساحة 360 كيلو متر مربع لا نعرف عن الحياة إلا كيفية البقاء على قيدها، وفي أحيانٍ كثير فشل العديد في ذلك، لم تَعُد أحلامي تَلُح عليّ لتحقيقها، ولم يَعد هُناك أحلام من الأصل، تخلصتُ منذُ فترة ليست طويلة من جلد ذاتي على ما وددتُ القيام به ولم أستطع في هذه المدينة المُقدمة لنا كجائزة والمطلوب منّا أن نُحبها وأن نموت من أجلها.

لا تُغيظني فكرة ولادتنا في عُلبة كبريت تفتح وتُغلِق من جانبين، لمْ يَعُد يُثير جنوني أن غزة والموت فيها هو قدرنا الذي لا يُمكن أن يُناقش، لم تَعد تحزنني مشاهد الموت والدمار، لم أَعد أغضب لغياب عدالة الأرض وتأخّر عدالة السماء.

ما يُغضبني ويؤلمني ويثير جنوني الآن أنهم اختاروا سلاحًا أقوى من كل الصواريخ والمتفجرات التي ألقوها طوال حياتنا في غزة، أنهم اختاروا تجويعنا كأداة حرب؟

الشمال جائع والجنوب جائع،
الشمال محروم، والجنوب مجنون،
هل قرر المُحتل اللعب على نفسية الإنسان القديم ليرحل عن مكان إقامته بسبب الجوع بعد أن فشلت كل خططه بترحيلنا؟
هل أَحكَم هذه الخطة عبر جعل غزة غير قابلة للحياة؟
أي تواطؤ هذا الذي شلّ حياتنا وأنهى الكثير منها؟

أي جنون هذا الذي يجعلني وعائلتي نُفكر بكيفية الحصول على مبلغ لكي نتجاوز جدارًا إسمنتيًّا وصحراء، يوازي مبلغ السفر للقطب الشمالي؟
على ماذا يتم التفاوض؟

كم بعد سيتركنا العالم؟ وأي عالم هذا الذي لا يوجد فيه قوة تستطيع لجم إسرائيل؟

إلى متى سيستمر الموت بالضحك لنا؟
سيناريو يستلم إخراجه واحد تلو الآخر
سيناريو والكثير من الأسئلة
ولا جواب هُنا.


الوسوم

شارك


x