حكاية الطفل عاهد
يروي عاهد عمر ابن الـ5 أعوام تفاصيل الساعات الثلاث التي شاهد فيها أبطال الحكايات المخيفة، عياناً لأول مرة في حياته، "أبو رجل مسلوخة" فجّر باب البيت فأصيب والده واقتادوه مكبلاً، أما "ستنا الغولة" فقد كسرت فناجين القهوة وداست الأطباق المميزة بأقدامها ثم أمسكت بمشرط وأخذت تفسد أريكة البيت.. من الطبيعي أن يختلط المشهد على صغيرٍ بسنه، بدا الوحوش بهيئات آدمية، جندي ببندقية تيفور، ومجندة شقراء: "ماما ليش بيعملوا هيك؟" سمعوا صوته حين تساءل، فصوبوا السلاح على رأسه "ماما ضووا على راسي أحمر" _ليزر السلاح_ صرخت والدته، هاجمها أحدهم محاولاً نزع لباس الصلاة عن رأسها .. قضيت ساعة مع عاهد وشقيقه الأصغر نوح، سيكون من المبكر أن يفهموا الآن حكاية عمرها 74 عاماً، لكن أذهانهم ستحتفظ بكل المشاهد، البيت المحروق والمقصوف، رعب التفجيرات، سخرية المجندات حين يبكون، غرفة الألعاب التي لم ينجُ منها سوى دراجة، ووالدُ أعتقل ثم غُيب بعيداً منهم، سيدرك هؤلاء ولو بعد جيل، كنه وحوش حكايات الظلام الخرافية الذين جاؤوهم في وضح النهار، سيعرف عدونا يوماً ما كم هو غبيٌ وأحمق، حين اعتقد مأسسوه أن بلاداً كهذه سينهشها الدهر ليغيب اسمها حتى عن الذاكرة، لقد مات كبار جيل النكبة الأولى، وجاء بدلاً منهم صغاراً لن ينسوا أبدا .. "لا الكبار يموتون .. ولا الصغار ينسون"