شهادة "حكيم" عن الاعتقال من مدينة غزة خلال الحرب


ظهرت العديد من الشهادات المدونة بشكل متفرق على منصات التواصل الاجتماعي خلال الحرب المستمرة على غزة، خاصة من الأشخاص الذين بقوا في محافظتي غزة وشمال غزة، شاهدين على الحصار الشديد الذي تعرض له النصف الشمالي من قطاع غزة، في ظل انعدام التغطية الصحفية


الوقت المقدر للقراءة: 12 دقيقة
منذ 10 أشهر

ظهرت العديد من الشهادات المدونة بشكل متفرق على منصات التواصل الاجتماعي خلال الحرب المستمرة على غزة، خاصة من الأشخاص الذين بقوا في محافظتي غزة وشمال غزة، شاهدين على الحصار الشديد الذي تعرض له النصف الشمالي من قطاع غزة، في ظل انعدام التغطية الصحفية والتواصل الشحيح جدا من بعض من تمكنوا من توفير شرائح اتصال إلكترونية لنقل جزء من شهادة قد تغيب إذا قتل الاحتلال من تبقى من شهود، في هذه التدوينة نسجل شهادة الشاب "حكيم" عبر حسابه على منصة إكس، بدءا من الأول من ديسمبر 2023 منذ انتهاء وقف إطلاق النار وعودة الحرب في غزة، وكان حكيم خلال فترة الهدنة يتجول في مدينة غزة التي بقي فيها مع عائلته، ويصور ما أمكن من مشاهد للدمار، ويطمئن بعض أصدقائه على منصة إكس عن أهاليهم الذين بقوا في المدينة، وانقطع الاتصال بهم: 

مساء يوم 3 ديسمبر 2023 نشر حكيم على حسابه: "لمن يهمه الأمر نحن نتعرض لقصف عنيف، ولم يتوقف منذ ساعة وأكثر في منطقة الشجاعية ومحيطها، أحزمة نارية متتالية ومكثفة بشكل لا يمكن وصفه أبداً اللهم الطف بنا وبشعبنا، اللهم الثبات اللهم الثبات" ثم كتب مجددا لتأكيد شدة القصف بعدها بساعتين. 

في صباح يوم 4 ديسمبر 2023 كتب حكيم مجددا رسالة توحي بنجاتهم من الموت وقال: "خرجنا من الموت بأعجوبة، تعرضنا لقصف عنيف ومكثف في حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) ولا أعرف كيف نجونا، ولكن قدر الله قائم، نزحت للمرة السادسة والعودة إلى أطراف غرب مدينة غزة (حي الرمال المدمر ومستشفى الشفاء) وأكد أن "الحال لا يمكن وصفه أبدا، لا تنسونا لو صار لنا مكروه نحن لسنا أرقاما" 

ثم شرح "حكيم" في اليوم التالي بتاريخ 5 ديسمبر 2023 تكملة ما حدث في اليوم السابق: "بعد خروجنا من حي الشجاعية بأعجوبة؛ بسبب كثافة القصف المدفعي والجوي، عدنا إلى أطراف غرب مدينة غزة، وكان الحال كما هو قصف عنيف ومستمر حتى اللحظة مع اشتباكات ضارية بالمنطقة، أنا وعائلتي وعدد لا يقل عن 40 شخصاً من أقاربي محاصرين من قبل جيش الاحتلال حتى الآن" 

يذكر أن حكيم وعائلته نزحوا من مدينة غزة باتجاه منطقة الزوايدة شمال شرقي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وعندما شاهدوا حجم القصف هناك، عادوا إلى منزلهم في محافظة غزة بعد يومين ولعدم تقبلهم فكرة النزوح، واستمروا بالتنقل من مكان إلى مكان لحماية أنفسهم من الموت الذي يلاحق الجميع في غزة. في ظل انعدام الكهرباء والمياه والغذاء، الذي لم يتبق منه بحسب حكيم سوى القليل جدا لأكثر من 40 شخصا في منزل واحد من عائلة حكيم وأقاربه، وسط اشتباكات بدأت تشتد بين المقاومة والاحتلال بحسب ما أكده حكيم في منشوراته في منصة إكس من تاريخ 5 حتى 7 ديسمبر 2023، ليختفي بعدها 3 أيام عن الكتابة، ثم عاد

الاعتقال من قبل قوات الاحتلال 

بعد ثلاثة أيام من توقف حكيم عن الكتابة، عاد بتاريخ 10 ديسمبر 2023 ليوثق ما حدث معه خلال اعتقاله وإخوته وعدد من أقاربهم الرجال من قبل قوات الاحتلال، وكتب: "اُعْتُقِلْت أنا وأخواتي وأقاربي من الرجال جميعاً، وترك النساء والأطفال في الشوارع بدون أي مأوى مارس جيش الاحتلال جميع أساليبه القذرة اتجاهنا، وتعرضنا للإهانة الجسدية والنفسية تحت تهديد السلاح وبظروف صعبة للغاية أُفْرِج عنا فجراً، ولكن بقي أخي و3 من أقاربي، وحُقِّق معنا من قبل محقق أمريكي" 

بتاريخ 11 ديسمبر 2023 نشر "حكيم" توثيق أوسع لما حدث معهم لحظة تعرضهم للاعتقال من قبل قوات الاحتلال واستخدامهم كدروع بشرية من قبل جيش الاحتلال، ونشر: "مع اقتراب الدبابات من محيط المنزل بشكل كبير كنت متأكداً تماماً من اقتحام الجيش كما حدث مع المنازل المجاورة، اُقْتُحِم المنزل الذي نزحنا إليه مؤخراً في محيط مسجد فلسطين غرب غزة في ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس (8 ديسمبر 2023) وأنزل الجنود النساء والأطفال لباب المنزل في الخارج، أي إلى الشارع، وترك الرجال داخل المنزل، وأجبرونا على تعرية أجسادنا بأنفسنا بشكل كامل وجماعي، تحت تهديد السلاح والكلاب المفترسة، وضعونا جميعاً داخل مخازن أسفل المنزل بعد السماح لبعضنا بلبس الملابس وترك النساء والأطفال بالشارع، مع البدء بالتحقيق السريع من ضابط القوة المقتحمة - وكان درزيا يتحدث العربية بشكل جيد مع إطلاق أقسى أنواع العبارات القذرة على أُمي وعائلتي، وسب الذات الإلهية والدين الإسلامي"

يضيف حكيم: "قبل البدء باعتقالنا داخل مدرسة الماجدة وسيلة بن عمار الثانوية في محيط مسجد فلسطين غرب مدينة غزة أخذني أحد الضباط سألني عن اسمي وعملي وعمري، ثم سألني عن أقاربي وعائلتي، ثم قال لي تعال امشي معي سألته إلى أين؟ قال لي بدي أرسلك عند ربك مثل العروسة، قلت له تقصد عريساً قال لي مثل العروسة التي تلبس الأبيض وتضع المكياج، أخذني إلى منطقة يوجَد بها نفق، وألبسني حزاماً ممتلئ بالمتفجرات، ووضع كاميرا GoPro، على رأسي وحبلاً على وسط جسدي وقال لي: "لما أشد الحبل بترجع لعندي" ودفعني بالقرب إلى فتحة النفق، تحت تهديد السلاح وتهديده لي بقتل عائلتي، رفضت الانصياع لأوامره، ولكن وسط الحديث دفعني بشكل مفاجئ إلى فتحة النفق، ووقعت بداخله، وبقيت حوالي 3 دقائق مكاني، ثم بدأ بالصراخ وإطلاق النار لكي أمضي داخل النفق" 

ثم يكمل حكيم في روايته لما حدث: "مشيت به حوالي 40 مترا، ثم سحبني خارج النفق مجدداً عن طريق الحبل الذي ربطه وأخرجني وقال لي لسا ربك ما بده إياك، تركني للجنود وقال لهم: "هاتوا شب تاني يكون صغير العمر"، ويفسر حكيم السبب الذي دفعهم لفعل ذلك هو "تجنب نزولهم للنفق خوفاً أن يتفجر بهم، أي بما معناه في حال رصدت الكاميرا المثبتة على رأسي رجال المقاومة داخل النفق، فسيتم تفجيري بهم وبالنفق"، وأُفْرِج عن حكيم، بينما بقي عدد من أفراد أسرته في الأسر لدى قوات الاحتلال الصهيوني.

ملاحظة: تم توثيق الرواية من خلال المنشورات في حساب حكيم على منصة إكس وتم أخذ الإذن منه لتسجيل هذه الشهادة مع بعض التعديلات اللغوية لضبط سردية النص لغويا. (اضغط هنا) للوصول إلى حسابه على إكس. 


الوسوم

مدينة غزة

شارك


المصادر


x