رسالة من شمال غزة بعد انقطاع 100 يوم عن العالم



الوقت المقدر للقراءة: 8 دقيقة
منذ 9 أشهر

هل تتخيل يا من تقرأ رسالتي أنني لم أرَ ضوءا كهربائيا مشتعلا منذ بدء الحرب؟ نعيش 100 يوم في انقطاع تام عن الكهرباء والإنترنت. أنا غازي المجدلاوي من شمال قطاع غزة، أنقل لكم حياتنا في المنطقة المقطوعة عن العالم.

لا كهرباء لا إنترنت 

كما تعلمون أنه منذ اليوم الأول للحرب، انقطع كل شيء عنا  ولم يعد بإمكاننا التواصل مع أقربائنا النازحين إلى الجنوب، لذا نضطر يوميا إلى قطع مسافات طويلة الظفر بشحن الهاتف والبطارية المؤقتة عبر الطاقة الشمسية بمبلغ 7 دولارات. وأما عن الإنترنت فهو رفاهية معدومة، ولا يمكن لأحد الاتصال به إلا محظوظا يمتلك شريحة اتصال دولية، وحتى إن توفرت فإن شبكات المحمول متوقفة تماما.

عندما فقد أبي النطق والسمع

والدي مريض بداء السكري، انقطع علاجه بعد أن نزح الجميع بما فيهم مؤسسات الإغاثة الدولية إلى الجنوب، وفي ليلة حالكة السواد تراجعت حالته الصحية وكاد أن يفارق الحياة، والأدهى أن هذا الحدث وفي الليل حيث الحركة مشلولة تماما ومحفوفة بالمخاطر، حتى إن سيارات الإسعاف كان وصولها مستحيل، فاضطررنا للانتظار حتى الصباح، مما فاقم الخطوة نظرا لارتفاع نسبة السكر بالدم إلى 850 وبالتالي فقد كل حواسه تقريبا (استعادهم بالتدريج لاحقا)، ثم نقلناه إلى المستشفى الإندونيسي الذي لم يبق أحد في العالم إلا وسمع عن المجازر التي ارتكبت فيه، ناهيك عن الوضع الطبي الكارثي وانعدام كل شيء، بما في ذلك الأطباء المتخصصين الذين من المفترض أن يتابعوا حالة والدي، فاضطررنا مرة أخرى إلى حمله لمستشفى العودة، الوضع هناك لا يسر صديقا.

النزوح من العودة

في أروقة مستشفى العودة ما لا عين رأت ولا خطر على بال بشر. جثث ملقاة في كل مكان، وانهيار تام للمنظومة الصحية، ومصابون ينتظرون الموت وهذا ليس تعبيرا مجازيا، فخلال تواجدي صادفت طبيبا سألته عن مصير المصابين، فأجاب: "ينتظرون الموت، هم في عداد الشهداء. يعانون من نزيف داخلي ولا علاج للأمر.

بهذا المشهد كانت القسوة في أخف صورها داخل المستشفى، فبعد ساعات جاء أمر من الاحتلال بالإخلاء تمهيدا لاقتحامه، ورأيت بأم عيني مصابين يسيرون إلى المجهول وهم ينزفون، وآخرون يحملون أكياس المحلول، وبعضهم تعاون الناس على حملهم. كان الوضع كارثيا لا يمكنني وصفه.

ما لا تعرفونه عن المقابر 

أينما وليت وجهي في شوارع مخيم جباليا أجد جثثا وقبورا، فبعد أن امتلأت المقابر عن بكرة أبيها صار الناس يبحثون عن أي مكان فيه رمال، وإن لم يتوفر فإنهم يضطرون إلى تكسير البلاط لحفر قبر في أي مكان.

الصيام في الحرب

لا وجود للطعام والشراب في الشمال أبدا، فمع خروج المؤسسات الدولية لم تعد تصل إلينا المساعدات، والمواد الغذائية انعدمت تماما، والماء انقطع أصلا، فلم نعد نشرب سوى مياه غير صالحة للشرب، وتأقلمنا مع فكرة التلوث التي أصابت أجسامنا. وأما عن نوعية الغذاء فهي بقوليات ووجبة واحدة فقط، مما يضطرنا إلى الصيام في أغلب الأوقات، وبتنا منذ 100 يوم لا نعرف الفواكه والخضراوات.

صديقي الذي استشهد في طابور الماء

في أحد أيام الهدنة سمح الاحتلال بدخول كمية محدودة من الوقود لتشغيل محطات تحلية المياه في جباليا، فأخبرني صديقي أن أمر الحصول على الماء صار ممكنا لكنه يحتاج إلى الانتظار في طابور طويل. وبحكم تأقلمي على المياه الملوثة رفضت الذهاب معه، فراح بمفرده ولم يعد، لأن غارة إسرائيلية استهدفت مكانا قريبا من الطابور فاستشهد وعدد كبير من العطشى.

شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب
شمال غزة خلال الحرب

اقرأ المزيد

اقرأ المزيد من قسم شهادات

الوسوم

شارك


المصادر


x