100 يوم نزوح في رفح.. شهادة أحلام صالح من شمال غزة



الوقت المقدر للقراءة: 11 دقيقة
منذ 9 أشهر

هذهِ شهادة السيدة أحلام صالح عن نزوحها وعائلتها من الشمال إلى المواصي في رفح وعن 100 يوم من الحرب، أجرى الصحفي هاني الشاعر هذه المقابلة معها، وهذا نقل لشهادتها كما روتها:

أنا اسمي أحلام محمد صالح سكان الشمال قطاع غزة العمر 35 سنة، اليوم أنا إلي نازحة 100 يوم، عانينا الله أعلم في اللي عانيناه، ويمكن عانينا أكثر يمكن… الصمت بيحكي 100 قصة وقصة عن اللي احنا عشناه، قد ما نشرح عن اللي احنا عشناه والوضع اللي احنا عشناه ما بيروحش 1% في المعاناة اللي احنا عانيناها، اليوم بنعاني من قلة المية، الأطفال ما بياكلوا كويس، أنا وحدة من الناس الي أربع أيام مصليتش لأنه مفش مي. أنت شايف احنا قاعدين في صحرا، أنا بتمني أني أصلي صلاة لربنا، مش قادرة أصليها. نفسي أحمم أولادي مش قادرة. نفسي أني أنا أروح عالسوق أجيب لأولادي أكل وشرب زي الناس ما بتاكل، حتى فش! فش لا لحوم، لا ألبان، لا فاكهة، شو أطعمي أولادي؟ عدس!

مصاري ما فش، أنا جوزي حداد، إله 22 سنة حداد، شغله يومي، من يوم ما أنا قعدنا هان ما في راتب، أنا جوزي مش موظف سلطة ولا بياخذ من أيا قطاع أيا مصاري من أيا حدا، أنا بيومي عايشة عالصدقة، الوضع الاجتماعي فش صرف صحي؛ الأطفال واحنا الكبار قبل الصغار -الله يعزك- بجرادل وبنكب، ع الخلا! ايش نسوي؟

أبوي غسيل كلى، بيغسل كلى، 120 شيكل بدفع أجار طريق يوم بعد يوم عشان يروح على مستشفى النجار يغسل كلى.

بتنام أمي العجوز أم  55 سنة عالأرض بعد ما بتغسل كلى لأنه بغسل عالساعة 2 بالليل، بتضلها نايمة عالبلاط، لما تطلعوا الصبح وتروح

اليوم احنا شو بنحكي؟ على ايش نحكي بالزبط؟ على الخيم اللي بنموت منها من السقعة والصغار كلهم مفلوزين؟ عالقشف اللي أكل وجوه الصغار؟ على مين نحكي؟ على رجلينا اللي مش قادرين نمشي في السوافي؟ أنا وحدة من الناس عندي ابن، وعندي جوز، بتبادلوا هم التنين على الصندل -الله يعزك- فشي صنادل، هي بنتي حافية، احنا حافيين! اللي بنقطع صندله ملوش صندل، فشي أواعي، أنا وحدة من الناس محدش عنده عزة نفس قدي، اليوم أنا لفيت عكل البيوت عشان أشحت أواعي لأولادي.

لايش وصلنا؟ لهذه المرحلة! مضلش فيها كرامة ولا ضل فيها سن صغير، ولا ضل فيها شباب ولا اشي، شعورنا شابت من اللي شفناه.. أنا وحدة من الناس لما نزحت مخ بنت جيراننا طلع على وجهها!

لايش وصلنا! مرحلة أني أنا مرقت في مرحلة هستيريا أجري في الشارع معرفتش أنا مين والا مين اسمي، لما شردت مشيت حافية من دوار الكويت لدوار النصيرات، وأنا أمشي بعز الشمس! 

أنا وحدة من الناس، 35 سنة! أنا حاسة حالي 75 سنة و100 سنة.. احنا شفنا اللي ولا واحد في عمري شافه، أطفالنا عاشوا طفولة مأساوية، طفولة ضايعة، ايش شو أنا ابني هاد بعرفش يقرأ ويكتب، اجتنا كورونا مبقوش يروحوا عالمدارس، قرأ سنتين، رجعت الحرب!

اليوم احنا قاعدين عن المدارس فشي علم! احنا شعب جاهل، المتعلمين عملهم هجرة وطلعوا، اليوم مين ضايل؟ زي تفصيلة ابني، لا بعرف يقروا ولا يكتبوا، هذا وهم الأطفال قاعدين لا في دراسة ولا في أي حاجة، لا في مدرسة نرجع ندرس عليها، لا في مؤسسات، لا في عيادة نتعالج، لا في دكتور ضايل احترموه إلا قتلوه وحبسوه، مفيش مستشفيات!

احنا لو رجعنا حنرجع على وضع أسوأ من اللي احنا قاعدين عليه الحين، بالعكس احنا الحين قاعدين بصحرا بكرا حنقعد على ركام

بدنا نتنفس، بدنا…  حتى الهوا اللي بنتنفسه هوا مليان ميكروبات وجراثيم من رحمة الله أنها ما مطرتش علينا.. رحمة الأطفال هدول، رحمة الله لأول مرة شتا في فلسطين متنزلش فيه مطرة!

خضار مفش احنا قاعدين عالصدقة، صرنا نقعد عالاسفلت هان نستنى الصليب الأحمر والأونروا عشان يدونا كوبونات خضرا وإلا حرام. 

أنا وحدة من الناس يشهد علي رب الاسلام، كل غطا أولادي من شحدة الدور، كل لبس أولادي من شحدة الدور، ليش؟ ليش كله هاد؟ 

احنا وين حقنا، حقوق المرأة؟ وين حقوق الطفل؟ أقلك، وين حقوق الحيوانات اللي قاعدين فاتحين إلهم مؤسسات برعوا الكلاب والبسس المريضة؟ عالأقله هذا إنسان يحترموه!

وين حق المرأة؟ اللي لما المرأة جوزها بضربها كف بيروحوا برفعوا عليه قضية! 

احنا انهنا، لا ضلت أمومة ولا ضلت امرأة ولا ضل طفل، ولا ضل ختيار، ولا حد في الشعب هذا يحترم، ولا حدا.

قانون الغاب، احنا حالياً حالياً يحكمنا قانون الغاب، فش قانون غير هذا القانون. لايش وصلنا! لايش! 

أنا ابني لما ييجي يقلي أنا يا ماما جعان، وما أقدرش أنا اطعميه أصير أنا أصيح، أتذكر الرسول عليه الصلاة والسلام لما صار يربط على معدته هو والصحابة حجر، ويربط الحبل عشان ايش، ما يجوعش

احنا وصلنا لمرحلة ! شوفوا الرسول وقتيش واحنا وقتيش! قاعدين بشبعوا وباكلوا بشبعوا في دورهم وأطفال غزة ميتين من الجوع ، بيلاقوش مكان آمن حتى يناموا فيه.

هاتلي مكان آمن هسا في غزة، لا جامع لا مدرسة لا مستشفى، ولا أي مكان آمن في غزة ولا حتى خيم، مش هاي المواصي اللي قالولنا تعالوا عليها؟ 

هاد هم بدهم يمرقوا في الشارع، وين نروح؟

هالحين سؤال، أنا لو قالولي هاجري، وين أروح؟ شاردة من الشمال وهلقيت بدي أشرد من الجنوب، وين أروح بالزبط؟

في مسجد أروح عليه؟ في مستشفى أروح عليها؟ في مكان آمن أنا وأطفالي أروح اتحامى فيه، ماليش الا الله.


اقرأ المزيد

اقرأ المزيد من قسم شهادات

الوسوم

شارك


المصادر


x