شهادة يارا المغاري ناجية من غارة جوية قام بها الاحتلال في النصيرات



الوقت المقدر للقراءة: 9 دقيقة
منذ 9 أشهر

هذهِ شهادة  السيدة يارا المغازي، تروي فيها تفاصيل معاناتها وعائلتها تحت ركام منزلهم، بعد أن قصفته طائرات الاحتلال يوم الثلاثاء 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهذهِ شهادتها كما أوردتها لمنصّة فلسطينيات:

أنا يارا المغاري، 26 سنة، صيدلانية، مخلفة بنتين. وكنَّا بغزَّة، أول ما بدأت الحرب نزحت على أهلي في النصيرات، أهلي ساكنين في برج المهندسين شارع 20.
في 31/ 10 الساعة 02:30 الظهر فجأة سمعنا صوت قوي كثير.
قالوا إلّي بنقصف ما بسمع صوت الحرب، ما بسمع صوت الصاروخ، بس أول اشي سمعنا صوت قوي، فجأة الحيطان كلها تحتينا نزلت، زي يوم القيامة بتحسي.. أشياء بتخوّف، بعد كدة كل الأحجار فوق روسنا بطلنا نتحرك، وسواد، كانت الدنيا الظهر، بعد كدة صارت سواد، ما حدا شايف حدا.
أنا وأخواتي وبناتي كنَّا قاعدين بالغرفة وماما، كلنا مع بعض، وبابا كان في الصالون لحاله، الغرفة إلّي أحنا فيها سامعين بعض بس أحنا مش شايفين بعض ولا قادرين نوصل لبعض، ما عاد حدا قادر يحرِّك إيده يوصل للثاني.

وبعد كدة 3 صواريخ فوقنا، سمعنا صوت الصواريخ الثانية وهي بتنزل، بس ربنا.. بمعجزة طبعًا؛ لأنه تقريبًا 250 شخص بالبرج كلهم ماتوا ما ظل حدا، حتَّى بابا عشان بالصالون استشهد من أول لحظة، بس أحنا إلّي بالغرفة سبحان الله، أحنا الوحيدين كلنا نجينا، بس كلنا ولّعت فجأة علينا النَّار، انحرقنا، ضلينا تقريبًا 25 دقيقة تحت النَّار وأحنا بننشوي، قعدنا نصرخ كثير، ونتشاهد ونتحسبن، وما حد كان سامع صوتنا؛ لأنه النَّاس كانت خايفة تقرِّب تنقذنا.

صارت أختي سهاد تقول: "ماما رجلي بنحرقوا وإيدي، وعاهد: "ظهري بنحرق يا ماما"، وأنا رجليّ بنحرقوا. صار واحد ورا الثاني يفقد الوعي، لمَّا كان يفقد عاهد الوعي صرنا نقول عاهد مات بعدين سهاد ماتت، بعدين بنتي صارت تنادي عليّ، بعدها بطّلت تحكي، صرت أقول لارا ماتت. كل أخواتي، واحد ورا الثاني لمدَّة نص ساعة أو 25 دقيقة كدة كانوا بالأول يتعذبوا ينحرقوا بعدين يفقدوا الوعي، وكنَّا نقول ماتوا، نعدد أنا وماما نحكي هاد مات وهاد مات.

آخر اشي أنا، لمَّا شفت بنتي أُغمى عليها فكرتها ماتت، وبنتي الثانية صارت تنادي علي، وتحكيلي: "يا ماما يا ماما" وأنا مش قادرة أعمل لها اشي.. هي بحضني، حطيت ايدي عليها، انحرقت ايدي كلها عشان بنتي ما تنحرقش.. أنا أصابعي هدول، كل اللحمة عنهم راحت بس عشان بنتي متنحرقش، ومع ذلك رجل بنتي انحرقت، وصلها النَّار.

بعد كدة آخر شي أنا أُغمى عليّ، لمَّا ما سمعت صوت بناتي قلت خلص أُغمى علي، ماما لمَّا أنا أُغمى عليَّ زي ما تقولي قوة الرحمن.. بعرفش.. ربنا قوّاها، عملت كدة للحجر إلّي فوق راسها (دفعته بإصبعها)، سقف كبير، سقف الغرفة كله.. فجأة ماما بتقلي طار في الهواء بدون قوة، وماما أصلًا تحت الأنقاض ومحروقة، فجأة بتعمل كدة بإصبعها إلا الحجر بيطير.

ماما طلعت لحالها من فتحة صغيرة إلّي طلع منها الحجر،  وصارت هي.. الرجال في الشارع خايفين يقربوا، خايفين يضربوا كمان صاروخ على البرج إلّي أحنا فيه، فماما صارت تروح على النَّاس، على النسوان بالشارع تجيب منهم مي وتكب مي على النَّار إلّي علينا، وصارت تقول لهم "أولادي عايشين أولادي عايشين"، إلّي قدر من الزلام يقرِّب مع ماما.. ماما أنقذتنا يعني طلعتنا من تحت واحد ورا الثاني، طلعنا كلنا عايشين أنا وبناتي الثنتين وأخوين إلي وأختين وماما.

أجى الإسعاف بسرعة على طول، أحنا طلّعونا كان في إرسال وقتها بالبلد، وقت ما دخلنا الإسعاف، دخلت أنا ولارا بنتي وعاهد أخوي، وأحنا الثلاث مقطوعين النفس، تقريبًا No نفس.

بنتي لارا كانت شهيدة، قلي تبع الإسعاف بنتك شهيدة، حكيتله لا مش شهيدة حاول، إلا هو صار يعمللها الإنعاش القلبي والحمد لله طلّعت الصوت، وصحيت وصارت عايشة. بس هلأ صار أحنا الثلاثة بدنا أكسجين في الإسعاف، ما في غير اثنين، أعطيت أخوي عاهد وحدة ولبنتي وحدة، ضليت أنا بدون أكسجين.

وصلت المستشفى، تقريبًا ثلث ساعة بالإسعاف من النصيرات لدير البلح، وأنا أقسم بالله قاطع النفس تمامًا مش قادرة أتنفس، بس قلت أهون أن بنتي تعيش وأخوي يعيش، وصلنا المستشفى وصرنا ندور على بقية أخواتي، وطبعًا .. بـ100 عافية لمَّا الواحد بدأ يتأقلم مع أنه هو لسا موجود على قيد الحياة، أنا كنت بفكِّر حالي ميتة!                


اقرأ المزيد

اقرأ المزيد من قسم شهادات

الوسوم

شارك


المصادر


x