شهادة الصحفي محمد عبيد من غزة على الاعتقال من قبل قوات الاحتلال



الوقت المقدر للقراءة: 23 دقيقة
منذ 9 أشهر

هذه شهادة الصحفي محمد عبيدة الذي اعتقله الاحتلال لاكثر من 40 يوماً، قامت قناة الجزيرة بمقابلته ونشرت المقابلة في تاريخ 15 يناير 2024، وهذا نقل لشهادته كما وردت:

أنا الصحفي محمد عماد عبيد، عمري 20 سنة، عايش في غزة، في منطقة الصبرة. طلعنا من البيت الساعة 12 الظهر، رافعين علم أبيض بس، ولا أغراضنا ولا أشيا ولا ملابس ولا حاجة، طلعنا من هان لقينا في دبابة موجودة على باب رأس الشارع، عند مقر ال" يو إن دي بي" بالضبط، نحنا بنطلع من شارع عيدية تلاقيها في وجهك. دخلت أنا، مرقت وأنا بأمشي وأمشي، والجنود مش قراب لك بالمرة ، يعني في بينك وبينهم 100 متر على جبل، موجود عليه قناصات، موجود عليه واحد يحكي بالعربي كويس ، وفي على الجانب التاني جهاز وفي كاميرا، قبل ما ياخذني ما اطلعتش في أحد قدامي أخدوه، بس كان في ناس قاعدة على جنب، نساء أطفال شباب كبار على جنب.

دخلت قالي أتطلع علي أتطلع علي، فاتطلعت هيك، قال أبو البنطلون الأبيض يقدم، يجي عليا، تطلعت "نظر على نفسه" قلت له انا " وأشار الى نفسه" قال ايه انت، تقدمت. دخلنا هيك، لو دخلت على الجبل هيك يصير يدخلك ممر ، تقف يصير بينك وبينه 50 متر، هو على الجبل فوق وأنت تحت، بيقولك بين هويتك واحكي اسمك، اسمي محمد عماد جميل عبيد وهاي رقم هويتي. أنا كنت حاسس إنه  نص ساعة، ساعة، خلاص أنا ما علي أي إشي كيف أصلاً. إلا هو بيحكي محمد عبيد، إلا قمت قلت يلا بدني أروح ، إلا يقولي امرق على الشقة وقال لي اشلح كل اواعيك وشلحني كل حاجة، وجاب في واحد قناص مأشر علي وصار يقول لي تعال على جنب.

المهم دخلت جوة الا هو صار يقول وبدأ الوضع يسوء، صار يشد في وينزل رأسي في الأرض واخذ الأغراض مني وحطهم في كيس وبدأ ينقلب الوضع واجا تاني واحد شدني وكلبشني من وراء بالحديد وكلبش رجليا وغماني، دخلني وصار يمشي فيّ تقريبا 100 - 200 متر لجوا، ورماني على حصمة "نوع أحجار"، يمكن هاي أسوأ حصمة تمر عليا، بتجرح الجسم بطريقة مخيفة، يعني هذا نوع من أنواع التعذيب الي تبدأ معاك، لسه البدائية.

رموني على هاذي الوضعية يمكن مايقارب الثلاث ساعات، بعد ثلاث ساعات اجا واحد حكا معي، يقولي وماسك ورقة صغيرة، رفع عن عيني، صورني، الكاميرا بوجهي بجوال حتى صورني. يقولي ايش اسمك؟ محمد عبيد. انت من وين؟ قلت له انا من الشاطئ، علشان هويتي مكتوب شاطئ. الا هو صار يكتب يكتب، الا يقولي وين كنت في سبعة أكتوبر؟ كنت في الدار ، وين بدي أكون يعنيّ، الا يقول "لا أنا شفتك جوه في سبعة أكتوبر، انا شفتك بتقتل جنود". قلت له لا اقتل جنود ومين انا، كنت في الدار وألف إشي يثبت ذلك، يعني انا في حالي وفي البيت وكذا، انا ماخرجتش من باب البيت أصلا، حتى الشغل ماروحتش أصلا في ذاك اليوم.

إلا هو اجا واحد تاني وبدك تحكي والا بدنا نعمل لك ونسوي لك بدنا نخبط فيك ونضربك، والله لا اخلي الجنود يخبطو عليك، قلت له تخبط انا مافيش عندي اشي احكي أصلا، ايش بدك احكيلك علشان احكيه. حس انه انا غلطة فصار يضرب فيّ، يعني عارف انه انا ما في عليّ اشي وماكنتش في سبعة أكتوبر.

 كانت يمكن ابرد يوم في العام، وماكنتش لابس اشي واتحطيت في منطقة هاوية كلها هواء، كان يمكن أبرد يوم في تاريخ حياتي. انتقلنا بعديها، نقلونا في باص مفتوح من فوق، كلنا هيك موجودين حطونا على جنب، وطول الطريق ينقل فيك خبط ويزق فيك، يخبط حدا من الشباب على الأرض. دخلونا الباص انزلنا على مكان زي هو قريب من موقع عسكري، كان في جنبنا مدفعية صوتها عالي تضرب، وفي هناك منطقة زي طينة، قعدنا عليها، تشاء الاقدار انه يجي يوم مطر حافل، تشتيّ الدنيا بطريقة بحياتي ما اتخيلتها، انا من محبين الشتاء بس في هداك الوقت كنت أقول يارب توقف هالشتاء، علشان كان الوضع غير البرد، تشتّي الدني عليك وانت بها الوضع.

المذيعة تسأل: كنت لابس؟

محمد: ولا إشي لابس، كنت بس الاشي الداخلي، ويمكن في الصور كانو منزلينه علناً، يعني قدام الإعلام إنه بناخدهم بهيك شكل.

صارت تشتي الدنيا وهما زادو وحشية استفردو فينا شافو الشتاء، وكنا نحكي يارب، كل الشباب اللي بيعيط والي بيناجي وهما استوحشوا صاروا يخبطو ويضربو فينا زي الإيش، وفي شغلة بدي انوه إلها، بيقنع حاله كان يجي عليا ويوقف ويقول "انت نخبة، انت قسام" يقنع حاله انه انا هيك، علشان يضربني اكتر اشي عنده. قعدنا على هادي الحالة ثلاث اربع ساعات، لما كانت هيك على مشارف 11 - 12 بالليل. لما اجا باص 50 راكب طلعونا فيه ونقلونا يمكن ساعة، ساعة ونصف لمنطقة بعيدة، وعلى كلام الشباب الي عرفناه ومن الناس الموجودة هناك لما وصلنا انه اسمه "بئيري"، منطقة عسكرية في "مستوطنة" بئيري.

دخلنا جوه الا هو صار يدخّل فيك واحد على بركس "ثكنة" بركسين ثلاثة، دخلنا أول بركس بيصورك ويقلك اتطلع على الكاميرا، زي الاستقبال بيعمل لك ملف، بيطلع هيك على الكاميرا، وبعد الكاميرا بيجي دكتور يقلك عندك أمراض مزمنة؟ عندك اشي؟ يكشف عن بطنك، يكشف عن إشي، تصير تقوله عن أمراض ومابيكتبش. يعني أنا كنت قبلي واحد قال له اه أنا عندي عمري 55 - 60 سنة وعندي ضغط وعندي سكر مايكتبش مثلا انه يجيب، الزلمة كان باقي ماجالوش ولا دواء ضغط ولا سكري، بس إجراء وبده يخلصه.

اخدوني تحقيق، نفس الوضع، أواعي اخدوهم كلهم واخدونا على التحقيق. دخلوني جوه إلا بيقولي أنا معك ضابط المخابرات، قلت له اتفضل، صار التحقيق إلا هو أربعة أسئلة سألوهم لكل واحد أنا باعرفه، هو الأربعة أسئلة طول حبستنا بتنسأل، وين كنت في سبعة أكتوبر؟ وين موجود أسرى؟ وين في أنفاق؟ وين الصواريخ بتطلع أو وين المواقع العسكرية؟ وفي عنكم حماس في الحارة؟ أسئلة عامة جدا، يعني تهمة او إشي إيلي مافيش، يعني هو بس بشتغل على انه انا حصيلة معلومات بيطلّع مني بس، صار يشتغل على هاد الموضوع، يسأل يسأل، قعدت على الموضوع من يومين إلى ثلاثة أيام في هذا التحقيق، يحقق معي ساعة ويحطني واقف مشبوح 6 إلى 5 ساعات.

وآخر تحقيق كان عن جوالي، راح جاب جوالي وقعد فتح الجوال ويقول لي وين الاستديو، وفتح الجوال ولقى كله أطفال شهداء، أنا كنت اشتغلت ونزلناه واشتغلنا على السوشال ميديا، كله أطفال، هي أصلاً الحصيلة الأكبر من الشهداء كانت الأطفال، اطلّع هيك ويقلّب وكل ما يقلّب يلاقي شهداء أطفال، أطفال، وقبل ما أطلع كنت مصور مجزرة مدرسة البُراق كلها أطفال، وبقول له اطلّع اطلّع يا كابتن، اطلّع يا ضابط، هي الناس اللي بتموت في غزة، هدول اللي بيروحوا، يعني صرت أواجهو بضميره، انك انت بتعتبر حالك، هي هادول الناس اللي بتموت، وهو بيقول حماس هما اللي عاملهم دروع، قلت له دروع مين اللي مبرر إنك تقتل كل هل الناس المدنية، لاحظته انه هم بيشتغلو على أساسات تانية مختلفة احنا ما بنفكر فيها، يعني هو بيقولك هادا المدني بكره يكبر ويصير إرهابي، هادا الأساس بيشتغلو. وواضح كان يطلع علي حقد كل سبعة أكتوبر، ايش يقول؟ "انت حليت في سبعة أكتوبر، انت اكلت حلو في سبعة أكتوبر"، تخيلي الموضوع حاسس انه احنا كلنا اتحلينا ورقصنا بسبعة أكتوبر راح نعاقبكم كلكم، حتى لو ماكنتش متاكد ايش عامل.

بعديها بيوم الا وإجا كشف بـ 25 اسم انا منهم، فجأة اتفاجئنا انه احنا لا مروحين، ولا أي اشي بالعكس رايحين على جهنم اكتر، دخلنا في شوارع، الباص مابيمشيش يمكن مشي 10 متر قدام، إلا فجاة ايش بيستقبلنا؟ انا اول مافتحت عيني مكتوب بوليس عرفت انه انا بتستقبلني شرطة، وزي نظام اللي بشتغل على نظام لما يستلمك بدو يعطيك صورة عن هادي المنظمة، الجيش أو الشرطة.

يستغل الموضوع انه دكتور، بيقول هادي غرفة دكتور ادخل على الدكتورـ دخلت لقيت يمكن اكبر ستة اشوفهم، جثة كبيرة وناس يعني عضلات وكذا، قلت لهم اشي وين الدكتور في الموضوع؟، ويحطوني ستة انفار بس يضرب في وجهي، مايضربش جسمي، يعني بس ركز على موضوع وجهي، ستة انفار يعني 12 ايد كانت عليا، ويضربوا فيّ يمكن فوق الربع ساعة، 10 دقائق متواصلة، وأوقع يعني حتى صرت اغيّب اخر اشي، اجا الدكتور وكل وجهي دم ويقولي فيك اشي؟

أنا لما سألني هادا السؤال قلت له: لا سلامتك زي ما انت شايف، المهم بيقولي طيب يلا اكشف عن جسمك، صرت اكشف عن جسمي ووالله زي ماهو حتى ماقليش خذ شاش مسح وجهك والدم، طلعني على جنب على  البركس التاني، كان موجود ناس دا تصورك وورايا علم إسرائيل، إلا هو شاف هيك منظري قال لا مضبوطش يتصور، لازم يغسل، دخلت وصرت اغسل وجابوا لي شاش انه بس نوقف الدم، المشكلة انه بس اغسل وهو يغلط عليك كلمات يعني كلمات كلمات. المهم ضلينا على هادي الهاد الا هو تتصور وصار ايش بعد ماخلص الصورة، بدك تضحك، انت بدك تضحك في الصور، طبعا ضحكنا في الصور، بيصير يطلب منك شغلات غريبة، مبين انك انت مابتتعاملش مع جيش منظم، بيشتغل على الهوى، بدك تبوس العلم الي وراك!

انا جاني الافراج، احنا هلقيت اطلاقا بنعرفش انه احد بيصير له افراجات، كل الشباب ماخدة على مبدأ  شكلي مابروح. بالصبح آخر الأيام اللي انا كنت فيها  موجود في النقب، يجي يذيع 4 - 5 أسماء ويقول لهم هاتوا فرشتكم معاكم، نسحب الفرشة والحرام، بنعرف انه هو منقول، إلا واخدوني والإجراء مش نقل، انا متعود انه النقل بيدخلك على مكان بيرميك وخلاص، وبعدين وداني على إدارة وزي هيك، صرت اتكركب ايش بيصير، انه في اشي جديد، إلا هو دخلني على تفتيش كامل، وقلت كيف اتفتش؟ فقلبي صار يدق انه انا اذا أوقع، اذاً إفراج، إلا يقلي وقع، زي اللي مش مصدق ووقعت، قالي اكتب هون اسمك، طلعت بره انه انا كل هالاجراءات انه بدي اروح، كنا مصدومين هو جد بدنا نروح، هو مش نقل جنب بعض. يوم الثلاثاء بالليل على الفجر اجو وطلعونا. تعاملو معنا بس هيك يلا تعال بدون خبط او هيك اشي.

بس في شغلة راحو ودونا على كرم أبو سالم، اشتغلو كثير على الاعلام وانا كصحفي بركز في هاي الشغلات كتير، وانا بانزل بعد كل هاي الأيام من الضرب والظلم اللي انا كنت فيه بدو يتعامل معاك انه هو كويس، آخر يوم اجاني اواعي للناس اللي بتروح بس، انك تتدوش وتاخد اواعي جداد، لبّسنا الاواعي وجاب جرابين وجاب شبشب وجاب صابونة وبدك تغسلو وزي هيك انه تمام، طلعت وقلت يالله كيف الدنيا علشان بدي اروح بس، ولما وصلت كرم أبو سالم لقيت بانزل تحت فك ايديك وعينك من بره علشان الكاميرا وبانزل والاقي كاميرا بوجهي بتصور وقاعد بيطلع لك شوكلاتة وماية، مشيت كان في باص يو ان "الأمم المتحدة" يستنى اخر الشارع، يعني وصلنا الباص، يوصلونا الا استلمونا الـ يو ان، تفضل تفضل، دخلوا جوا وقعدوا ايش بدكم راح نجيب الكم اكل وشرب، بتعامل معنا يعني انا مثلا انا مابدوقش الحلو اطلاقا، فلما دخل صاروا يجيبوا لنا أشياء حلوة كانت هادي يعني قمة السعادة، جابوا لنا أشياء شاي وكذا، قلت له ابدي اكلم اهلي قبل كل الاكل والشرب، على طول طلع موظف اليو ان وقالي اتواصل مع الاهل.

المذيعة تسأل" ايش اكتر شي كنت تفكر فيه؟

محمد: أهلي، كان موضوع أني انا اروح ويكون حدا مش... او صار له اشي. موضوع كان آخد كل تفكيري، انه انا خوفي كان بس على أهلي، انه انا في الأول والأخير ايش بدو يصير؟ بكرة او بعده هاروح، يعني موضوع انه انا ضليتني هيك انه بس يارب اروح والاقي اهلي كويسين وبخير، وخلص وكل الحبسة راحت.

https://www.youtube.com/watch?v=ZX5UnPi-XLI

اقرأ المزيد

اقرأ المزيد من قسم شهادات

الوسوم

شارك


المصادر


x