قصة شروق أبو طعيمة نازحة من عبسان تطهو الطعام للصحفيين



الوقت المقدر للقراءة: 11 دقيقة
منذ 8 أشهر

شهادةالنازحة شروق أبو طعيمة التي تطهو الطعام للصحفيين على الحطب داخل مستشفى ناصر غرب المدينة في ظل شح المواد الغذائية، والماء الصالح للشرب، تسجلت شهادتها ضمن مقابلة مع منصة فلسطينيات، وتم تفريغها كما ذكرت:

 أنا شروق عبد سليمان أبو طعيمة من سكان عبسان الجديدة، لمَّا بلّشت الحرب اضطرينا -مع القصف والضرب- نطلع على المدارس، قعدنا 20 يوم ومزبطش الوضع.. كان في مشاكل وزحمة ودور حمام ومي مفيش ( لا يوجد) وتبهدلنا، اضطريت أجي هينا ( لمستشفى ناصر)، عملنا خيمة وقعدنا فيها أنا والبنات.

والله الحرب هذهِ معاناة وتعب نفسي وإرهاق، وكل تعب الدنيا شفناه في هالفترة الـ80 يوم إلّي نزحنا فيها من بيوتنا، صرنا نعاني من أبسط الشغلات، عانينا من كثير شغلات..  يعني بنعاني في الكهرباء، وبنعاني في المي، وبنعاني في الحطب إلّي بدنا نلمه.. ولمَّا ينشف (حتى يجف) عشان نقدر نخبز أو نطبخ منه، بنعاني في القعدة.. النفس قرَّبنا نعاني منه،  وخليك بالتهدايدات وكل شوي اِخلي من مكان لمكان تاني..  معاناة والله وتعب نفسي.

 عندي أربع بنوتات صبايا وولدين صغار. لمَّا نزحت هينا على مستشفى ناصر عملولي سلافي (إخوان زوجي) وقفوا معايا، عملولي من عيدان الزيتون أربع زوايا، وجبت من المدرسة بطاطين سود -تاعين الوكالة- وعملتهم حماية، بس فش سقفية.. لمَّا شد الجو وبده يشتي، رحت لأحمد المدهون (صحفي فلسطيني) واتدخل في الموضوع وعمللي الخيمة وأجوا نصبوها وقعدت أنا وبناتي فيها.
كان في فترات هدنة وهدوء كنت أروح أجيب فرشات وبطاطين، وأمَّنت الصغار الحمدالله رب العالمين.

مثلًا اليوم قَلَبِت الدنيا أني أجيب لولادي مية حلوة (مياه نظيفة للشراب) مش لاقية. اليوم ميتين عطش.. فش مية،  الجلان (وعاء أو إناء) فاضية وصافة هيها،  كلها فش ميَّة.. هاد أبسط الأشياء.
لمَّا بدنا نطبخ بنفكِّر كيف بدنا ندبِّر الطبخة، وكيف بدنا نجيبها وكيف بدنا نطبخها، والميَّة لمَّا بدنا نشربها، كيف بدنا نأمِّنها وكيف بدنا نوصلها للصغار .
العيشة والمعاش كله كله صار اِستغلال، كله صار تعب كله صار... صرنا نعاني من كل حاجة، نفسيًا تعبنا.. نفسينًا تعبنا.

أول ما نزحت هينا كان عندي كمية طحين كبيرة في البيت زي (تقريبًا) 120 كيلوغرام (3 أكياس) فجبتهم هينا، صار كل إلّي هون بعاني من قصة الخبز، شافوني هينا بدبِّر وبخبز وبطعم الكل، فـ أجتهم فكرة أنه أصير أطبخلهم، مثلًا هم يجيبوا الغرض وأنا أطبخ ونطعّم حالنا ونطعّمهم، فتعرفوا عليّ الصحافة كلهم وصاروا يجيبوا أكلهم وناكل مع بعض ونعمل ونشترك مع بعض، فكبرت الفكرة عندهم (الصحافة) فصاروا يجتمعوا كلهم، يجيبوا مثلًا الطبخة ونطبخها على النَّار،  يأمنوا الحطب أو يعطوني أنا أعطي حدا يشتري مشاطيح (نوع من أنواع الخشب) ونطبخ ونعمل، ويجوا يصوروا وناكل ونشرب مع بعض، وياخدوا للصحافة إلّي تحت إلّي بقدروش يسبوا شغلهم، وزي هيك صارت الفكرة وتطورت عندهم.

المراسل: أنت ساعديتهم في تطوير الفكرة ( فكرة طهو الطعام للصحفيين)؟

آه، عجبهم أكلي، فصاروا كل يوم بدهم يجيبوا طبخات، وصاروا يجيبوا خضرتهم هينا، ويجيبوا طحينهم، ويجيبوا اللحمة يخلوها في التبريد والتكييف، وثاني يوم مثلًا يجيبوا نطبخ، يجيبوا دجاج.. ويجيبوا شغلات زي هيك، نطبخلهم المعكرونة..  نطبخ وياكلوا..  وأحنا ناكل، ومكنوش يرضوا ياخدوها إلا أنا احط لولادي قدامهم، وتعاونا مع بعض.

كنَّا بنتمنى أنه يخلصوا الحرب على خير ونروح على بيوتنا، هذي أمنية الكل .. مش على قدي .. أمنية الكل، الكل بطالب وبناشد أنه يروِّح. لدول برا يلاقولنا حل ونروِّح على بيوتنا، تعبنا، صرنا نعاني من كل حاجة، حاسين حالنا ميتين مش عايشين، تعبنا.. هدول 80 يوم.. 80 يوم من المشاكل ومن التعب ومن الفقر ومن المعاناة ومن كل حاجة.

إنسان كان يعاني من معاناة وحدة، والحين صار يعاني من كل حاجة في الحياة، كل حاجة بدها تواجهه بده يعاني فيها.. أعاني كيف أأمِّن لولادي الأكل، وكيف بدي أسيبهم في الخيمة من خوف ما يسووا مشاكل مع الجيران..  ومن خوف يطيح (يسقط على الأرض).. أو واحد يصير له اشي.. الطاقة فوقينا، الخوف الكبير كمان من الطاقة..  أني أطلع على السوق أقدر أأمِّنلهم احتياجاتهم وأروِّح بسرعة.. والخوف على الصغار التهديدات كل شوية، صواريخ وضرب وقصف ورعب.. الأطفال مرعوبيين.

مش معاناة وحدة..  كل حاجة بنعاني منها، ميَّات المعاناة، عارف يعني ايش أنك بتعاني في الأكل؟ وبتعاني في الشرب؟ وبتعاني أنك تأمن لولادك احتياجاتهم؟ الله لا يطولها، شدة وربنا يهونها علينا ونروح بخير وسلامة، وهذا اللي بنتمناه من رب العالمين، ربنا يوقف معانا ويوحِّد قلوبنا.

 

اقرأ المزيد

اقرأ المزيد من قسم شهادات

الوسوم

شارك


المصادر


x