شهادة الطبيب مصطفى النجار من غزة عن نجاته من الموت



الوقت المقدر للقراءة: 6 دقيقة
منذ 8 أشهر

هذه شهادة للطبيب مصطفى يتحدث فيها عن نجاته من القصف للمرة الرابعة، نشرها على حسابه @mstfyalnjar162 على منصة X، ثم استشهد بعد نشر الشهادة بأيام، ونعاه أصدقاؤه على منصات التواصل الاجتماعي.

للمرة الرابعة في هذه الحرب أنجو من القصف وفي كل مرة كنت أعيش أهوال الموقف وشعرت كالعادة بتفاصيل الاستهداف من قوة دفع الهواء أولًا.. ومن ثم رؤية ألسنة اللهب وتطاير الأشياء وتساقط الحجارة من حولي، حقيقة في كل مرة لم أكن اسمع أي صوت للانفجار لكن في كل مرة كنت أدرك أنه تم استهدافنا بشكل مباشر وأننا أُصبنا لكننا نجونا وما زلنا أحياء وهذا هو الشيء الذي كان يزيد إيماني في كل مرة أن الشهيد لا يشعر بشيء مما ذكرته سابقًا وهذا هو الشيء ذاته الذي يثير تساؤلي دومًا حول الموضوع.. هل تُقبض أرواحهم قبل وقوع الحدث؟

وصف الحدث لكم استغرق مني بضعة دقائق وأنا أكتبه لكم لكن الحقيقة أنّ كل هذا حدث في بضعة ثواني معدودة ربما لم تتجاوز الثلاث ثواني! عندما قمت بفتح عينيّ كان الغبار والدخان يغطيان المنزل وخرجت من الغرفة وذهبتُ إلى المطبخ رأيت أم إسماعيل مستلقية على الأرض وكانت قد فارقت الحياة. تناولت قطعة السجاد الممزقة بفعل الشظايا وقمت بتغطية وجهها، وسمعتُ أنينًا يأتي من الغرفة المجاورة توجهت مسرعًا إلى هناك وكان فادي مصابًا وقدمه اليسرى منفصلة تمامًا عن جسده، أحضرت منديل وقمت بربط قدمه وأخبرته إنني سأعود و أقوم بإسعافه وطلبت منه أن يبقى هادئًا إلى حين عودتي.

سمعت صراخ أمي وخالي وزوجة أخي من الطابق السفليّ وفي تلك اللحظة شعرت بالطمأنينة أنهم جميعهم بخير وأخبرتهم إنني بخير وطلبت منهم البقاء في الطابق الأسفل من ثم صعدت إلى الطابق الأعلى وكانت زوجة إسماعيل تحتضن أطفالها وكان الغبار قد سرق جميع ملامحهم، وسؤال سريع: جميعكم بخير؟  كانوا جميعهم بخير وقمت بحمل أحد الأطفال ثم قمنا بالنزول الى الطابق الأول حيث كانت أمي ومن ذكرتهم معها وباقي الأطفال يجلسون هناك..

خرجنا جميعنا ألى الشارع وفي هذه الأثناء كان بعض الجيران الأقلة المقيمين معنا في نفس الحي قد جاؤوا  لإنقاذنا، أخبرتهم إن هناك شهيدة ومصاب في الطابق الثاني وتوجهوا مسرعين لإنزالهم وقد نجحوا في ذلك وقمنا بوضعهم على طرف الرصيف وبعد لحظات وصلت سيارة الإسعاف وقامت بنقلهم إلى المشفى.. إلى هنا وببعض الكلمات أكتفي من نقل الحدث لكم، أمّا خوفنا وقلقنا وانعدام أمننا ودموعنا وحزننا لن ينتهوا وهذه المرة نجونا لكن المرة القادمة قد لا تحالفنا الفرص ولا ننجو..


الوسوم

شارك


المصادر


x