تجتاح الدبابات المكان. تطلق القذائف عشوائياً. ثم تدخل الجرافات لتقلب الدنيا رأساً على عقب وسط عمليات تمشيط تجريها طائرات الاستطلاع في سماء قطاع غزة.

تبني ساتراً من الردم لينزل القناص بعد تمهيد المكان. فهكذا يفرشون سجادة حمراء لقاتلهم الخفيّ، لآلة القتل الأدق لديهم.

-كم شخصاً ستصطاد اليوم؟ يسأل أحد الجنود بالعبريّة.

– هل نراهن على مئة؟

يبتسم قائلاً: ربّما أكثر!

بعدها يدخل البناية الأعلى في المكان. يصعد إلى الطابق الأخير حيث يتموضع في أكثر غرفةٍ تكشف له كلّ مستتر. يسندُ سلاحه. يجهّز الرصاص. يجعل عينه في عدسة السلاح باحثاً عن فريستهِ الأولى.

*هل نبدأ العدّ؟ يسأل نفسه.

فالأوامر على الشكل الآتي: اقتل كل من يتحرك ولا يتحرك. اقتل كل ظلّ، كل طيف، كل غزّي تراه.

يخرجُ في مكان قريب عجوز بحثاً عن الطعام. يركّز القنّاص العدسة على الجسم المتحرّك. إنّها الفريسة الأولى، يقول لنفسه. يتتبع التحرّكات إلى أن يختار لحظة ضغطه على الزِناد لإطلاق رصاصة تستقر في رأس العجوز الوحيد.

يصيحُ في اللاسلكي للجنود الآخرين: إنّه الأول.

يرى الأبناء أبيهم، فيهرعون إليه علّهم يسعفونه.

واحد، اثنان، ثلاثة، يعدّ القناص. يصيح في اللاسلكي من جديد: هل كان الرهان على مئة؟

ستخسره بالتأكيد، يعلّق آخر.

تشتد نشوة القتل لديه. يطلق الرصاص على الأطفال، واحداً تلو الآخر. تتراكم جثثهم فوق جثة أبيهم. تركض الأم بدورها، دون أن تدرك أنّ الخطر ما زال قائماً.

الفريسة الخامسة، يصيحُ القناص.

تسقطُ الأم أيضاً، وكلّ من يتحرّك وكل ظلّ، وكل طيف وكل غزّي.

قتلاه كُثر.. لا يعلم عن حكاياتهم الأليمة سوى تلك التفاصيل الأخيرة التي يظلّ يراها بأمّ العين إلى أن يجهز عليها برصاصته، غير آبه بها وبالحكايات كلّها.

تشارك:

2 تعليقات

  • Avatar غير معروف
    غير معروف
    28 ديسمبر، 2023 في 16:02

    يا الله 💔

    Reply
  • Avatar هاجر ناصر
    هاجر ناصر
    28 ديسمبر، 2023 في 16:02

    يا الله 💔

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *