آلاء.. وُلدت لأم أربعينية وأب خمسينيّ في عائلةٍ كبيرةٍ متفهمةٍ متعلمة، عانت آلاء بعد ولادتها كثيرًا، حتى فُقد الأمل بنجاتها، ولكنّ مشيئة الله كانت غير ذلك فقد أمدَّ الله في عمرها وبارك فيه، وتغربت في عديدٍ من الدول والبلدان، حتى استقرّت في غزة.

ترعرعت آلاء في أسرةٍ ملتزمة بدينها، فقد حفظ عددٌ من إخوتها القرآن الكريم، وأُجيزوا في العديد من دورات تلاوة القرآن وتجويده، ولحقت بركبهم فنشأت في بيوت الله تحفظ القرآن، وتتعلم التلاوة حتى حصلت على السند المتصل عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهي في الخامسة عشر من عمرها، أضف إلى ذلك تفوقها الدراسي، وتميزها في كافة المجالات. 

استشهد أخوها في العُدوان على غزّة عام 2014، وتأثرت وعانت كثيرًا من فُقدانه، لكنّها ما لبثت أن نهضت من جديد لتكمل حياتها كما الله يريد ثم كما هي تبتغي، فأخذت العديد من الدورات التعليميّة وتميزت بها، كدورات التصوير الفوتوغرافي وغيرها الكثير، وقضت حياتها في تعلّم أُمور دينها ودنياها على حدٍ سواء.

كانت آلاء -رحمها الله- هادئةً جدًّا، كلامها قليل ولسانها يلهجُ بالذكر والشكر، متفائلةً بشكل لافت، ولا يعجزها شيء بعون الله! حتّى أنّها كانت تُسمِّي نفسها [سرّ التفاؤل] وهي حقًّا كذلك.

كنتُ كلما جلست معها لا أنصرف من عندها إلا وأنا محملة بأملٍ كبير وطموحٍ عالٍ، فقد كانت بالنسبة لي ملجأ وملاذًا بعد الله، آتيها بهمي وحزني، وأعود منشرحة الصدر! كانت بشوشةً جدًّا؛ إذ إنني لا أذكر أني رأيتها في يومٍ من الأيام عابسة الوجه، تغدق علينا من لطافتها. صبورةٌ؛ فوالله لم تشكُ لي يومًا من أقدار الله، ولم تتذمر قطّ، على الرغم من صعوبة حياتها وابتلائها.

تخرّجت من الثّانوية العامة في الفرع العلميَ، والتحقت بتخصص الإعلام الرقميّ، كنتُ أقول لها دائمًا: “أنتِ هتكوني حد عظيم كتير، عندي أمل كبير فيكِ”، فكانت أعظم مما توقعتُ، فقد نالت الشهادة في سبيل الله بعد قصفٍ صهيونيٍ همجيّ استهدف منزل أختها، في ليلة الثامن عشر من نوفمبر 2023.

قد تخونني الكلمات والعبارات؛ فآلاء أكبر من أن تُختزل على ورقةٍ أو صفحةٍ إلكترونية.

اهنئي في نعيمٍ مقيمٍ يا حبيبة 🤍ملاحظة المحرر: في الصورة الشهيدة آلاء إلى اليسار وصديقتها إيمان كاتبة التدوينة إلى اليمين. 

تشارك:

2 تعليقات

  • Avatar لينا
    لينا
    24 ديسمبر، 2023 في 03:37

    شهيدة متنعمة في الجنة وستبقى ذكراها وأثرها في الأرض بإذن الله.
    الله يصبرك ويربط على قلبك يا إيمان

    Reply
  • Avatar إيمان صقر
    إيمان صقر
    24 ديسمبر، 2023 في 14:20

    ربنا يرحم روحك يا حبيبة روحي
    اهنئي في نعيم مقيم يا حبيبة ❤️‍🩹

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *