اليوم الرّابع وأنا أمكثُ في مدرسةٍ للإيواء، أبحث عن الأمان ولا أجدُ سِوى ممرًّا يمشي فيه أُناس لا أعرفهم ولا أعرف قصصَهم، لكن ما أعرفه عنهم أنّهم مثلي، يبحثون عن الأمان بعد أن قُصفت كلّ البيوت عليهم. هُنا أمامي حبل غسيل لملابسنا، نُعلّق عليه خيباتنا ووجعنا وتشرُّدنا، المكان يعجُّ بالقصص، تارة نسمع صُراخًا، نركض فنعرف أنّ هناك عائلة تُودّع شهيدًا لها! وتارة نسمع تصفيقًا فنفرح اعتقادًا أنّ الحرب قد انتهت، لكنّ التصفيق لأنّ أحدهم حصلَ على دوره في طابورٍ طويل لتعبئةِ جالون من الماء! لا أقوى على نسيانِ طابور الحمام، نصطفُّ في دورٍ لدخول حمام لا يصلُح للاستخدام الآدمي..لا أحد يعترض لا أحد يتذمّر.

كُل الأعزّاء قد ذُلّوا هُنا، هذه الحرب جرَّعتنا الذُّل والجوع، هل أنسى خَجلي حين طلبتُ رَغيف خبز، الأطفال لا يفهمون قلّة الإمكانيّات، يكسرون القلب حين يطلبون ولا تستطيع أن تُوفّر لهم الطعام، طعامنا هُنا لا يكفيك لسدّ جوعك، نتقاسمُ جوعَنا وخوفنا، نعيش بلا كهرباء ولا مياه صالحة للشّرب، الحالُ صعب، الوضع سيء، الموتُ قريب، والجوعُ قاسٍ.

من مدرسةِ الإيواء أكتبُ إليكم ودُموعي لا تتوقّف، أنام على الأرض، نتقاسمُ أنا وأختي وأطفالنا فرشةً صغيرةً وغطاءً واحد، أُعاني من البرد كُلّ ليلة، أرتدي بضعةَ ملابس صيفيّة استعرتها من إحدى الصّديقات في مُحاولة للتّدفئة، لكن لا أنا أنجح في تدفئةِ نفسي ولا أتوقّف عن شرب أدوية لايقافِ آلام البرد، إيّاك أن تنام جيّدًا هذا المساء فنحنُ هنا في مأساة نعيشُها لا تتوقّف.

لا باركَ اللّٰه في الحرب.

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *