هذه شهادات أهالي غزة المتواجدون في مدينة رفح في مخيمات النزوح حول معاناتهم مع الأمطار والبرد القارس الذي لا تحميهم منه خيامهم المصنوعة من النايلون، نقلتها الجزيرة مباشر عبر تقرير مصور في تاريخ 3 فبراير 2024، وهذا نقل لشهاداتهم كما وردت:

المراسلة: أهلاً بكم، 119 يوماً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في فصل الشتاء البارد والممطر. في هذا اليوم وفي صباحه بدأ منخفض جوي ماطر أغرق الطرقات والشوارع وحوّلها إلى مستنقعات صغيرة.

وبِرَكٍ صغيرة من المياه التي تتجمّع في محيط الخيم، بل وفي داخلها في بعض الأحيان، وهي الخيم المقامة على عجل وفي ظروف غير لائقة للإقامة ربما للأطفال لكبار السن للمرضى الذين يتواجدون في هذه الخيم.

الآن سنكون معكم في هذه الجولة لنرصد أوضاع النازحين في مدينة رفح التي يتجمع فيها العدد الأكبر اليوم من أهالي قطاع غزة، مليون و400 ألف إنسان أجبرتهم إسرائيل على الذهاب إلى مدينة رفح وإقامة هذه الخيام العشوائية فيها. (تتحدث لمجموعة من الأطفال) كيف حالكم؟ نحكي معكوا؟ وين والدك؟ (تتحدث لإحدى المواطنات) كيف ها الليلة مضت عليك؟

المواطنة: والله ليلة باردة وسقعة كتير يعني وبهدلة، اتبهدلنا شتا والميّه بتنقط علينا وبتنزل علينا وفراشنا كلّه ميّه.

المراسلة: هذه الخيمة العشوائية طبعاً بطبيعة الحال ككل الخيام المقامة هنا والتي أقيمت في ظروف صعبة، ربما من ناحية توفير المواد الخام اللازمة لإقامة هذه الخيم، نرى هذه الخيمة هنا مثلاً وبشكل عشوائي نتحدث مع هذه العائلة (تدخل الخيمة) والمياه تتجمّع فوق سطح الخيمة، ربما تبدو واضحة لنا في الصورة.

المواطنة: فرشنا ميّه وأواعينا ميّه وكلنا ميّه، ايش بدنا نسوّي، والصدفة بالليل بنصحى نشيل في الميّه، يعني بنحاول قد ما نقدر ما تصلش علينا. فيش أواعي كمان نبدّل، يعني صعب هاي أواعيّا كلهم ميّه، لاولادنا نشراهم برّه كلهم ميّه.

المراسلة: طلعتي أصلاً من بيتك كان معاكِ أي ملابس؟ 

المواطنة: لا ولا إشي، ولا أواعي ولا حرامات، أنا جيت من الأمن العام (شمال غزة) وهاي حالنا.

المراسلة: قدّيش صار لك في هاي الخيمة؟

المواطنة: أنا صار لي شهرين. 

المراسلة: وكيف ظروف الحياة؟

المواطنة: صعبة والله ولا في.. يعني كل إشي صعب، كل إشي، الخبز والعجين والأكل والشرب واللبس، كله كله صعب كله، يعني متبهدلين على الآخر.

المراسلة: أنا شايفة عاملة الخيمة من نايلون شفّاف وعليها أغطية.

المواطنة: آه هادول الأغطية تبع .. يعني أنا اللي عملتها مش من حدا يعني. 

المراسلة: انتي لحالك، مين معاكي؟

المواطنة: معايا أولادي وجوزي، بس يعني ما فيشّي شراشف نتغطّى فيهم حطّيناهم، حاولنا ندبّر محدّش دوّر علينا، هاي الميّه بتبرّق وبتنزل وتنقّط زي ما انتو شايفين.

المراسلة: كيف بتنزلوها؟

المواطنة: بأيدينا، المكنسة انكسرت.

المراسلة(لأحد الأطفال): أنت بتنزلها؟

الطفل: آه 

المراسلة: كيف بتنزل الميّه عن الخيمة؟

الطفل: (يحضر مكنسة ويوضح للمراسلة كيف يتخلص من المياه) زي هيك، هيك.

المواطنة: يعني الجو في الليل برد برد كتير، عمرناش صار فينا زي هيك يعني، بهدلنا عن جد سقعه كتير.

المراسلة: الأولاد بيشتكوا من برد؟

المواطنة: آه برد يعني بيكون بردانين تلج، بصحى في الليل بمسكهم الأولاد متلجين، بنيّم واحد على الإيد هذه وواحد على الإيد هذه أولادي والله، وهاي حالنا ايش نسوّي!

المراسلة: انتي نفسك بتكوني بردانة؟

المواطنة: نفسي أنا بردانة، ما عنّاش أواعي كمان احنا.

المراسلة:يمكن الأم اتفرّغت إنها تدبّر لأطفالها ونسيت حالها.

المواطنة: آه بندبّر والله لإلهم من قد ما بنقدر بندبّر. 

المراسلة (تتجول في المخيم): أحد النازحين هنا أمام خيمته، يعطيك العافية.

المواطن: الله يعافيكي يا استاذة.

المراسلة: كيف الليلة مرّت عليكم؟

المواطن: والله الحمد لله، نحمد الله على كل حال، سقعة وبرد وربنا يكون بالعون يا رب.

المراسلة: دخلت عندكوا ميّه؟

المواطن: آه، دايماً بتدخل ميّه، بصحى من النوم وهو بنقع نقع فرشته من الميّه، الحمد لله على كل حال، ايش بدنا نعمل! حسبي الله ونعم الوكيل.

المراسلة: الواحد يصحى يلاقي نفسه متبلل، فراشه متبلل، وبيته خيمته متبلله، شو بيعمل؟

المواطن: ايش بيعمل، بيضلّه صاحي لتاني يوم الصبح لمّا ينشّف الفرشات وينشّف الحرامات تعونه، بيرجع ينام تاني.

المراسلة: نشوف الوضع عندك، تسمح لنا؟

المواطن: اتفضلي، فوتي.

المراسلة(تدخل الخيمة): هاي الخيمة، كم شخص موجودين انتوا فيها؟ احنا شايفين خيمة صغيرة الحجم، والأغطية والفراش.

المواطن: هاي شوفي، بننام 3 احنا هانا

مواطنة: رفعنا الفراش من هانا.

المراسلة: وين بتودوهم؟

المواطنة: بنودّيهم هناك عند ناس الحاصل، عشان اتبللوا.

المراسلة: كيف وضعكوا انتوا في ها الظرف؟

المواطنة: تجمّد هيك شايفة، متجمدّين وبالشارع.

المراسلة: انتِ بترجفي؟

المواطنة: أنا متجمّدة.

المراسلة: كيف عرفتي تدبّري ها الجاكيت؟ كان سهل إنك تلاقي جاكيت؟

المواطنة: هذا صاحب أبوي أعطى له إياها.

المراسلة: يعني هاي لصاحب ابوكي؟

المواطنة: آه 

المراسلة: عمرك قبل هيك لبستي جاكيت رجالي؟

المواطنة: لا طبعاً، وقتيش لبسته! بس خلاص.

المراسلة: الحرب هاي غيرت كل إشي

المواطنة: طبيعي، بيعين الله ايش بدنا نعمل، ان شاء الله تخلّص ونرتاح.

المراسلة: كيف ها الساعات اللي راحت مضت عليكي؟

المواطنة: تعب وخوف، انتِ شايفة ومتغربين. احنا من الشمال، جايين من الشمال.

المراسلة: خبر منخفض ومطر بالنسبة إلِك شو بيكون معناه؟

المواطنة: هذا أتلف إشي، احنا كتير بنضّايق لمّا نعرف هيك، احنا اليوم صحينا فجأة ع الشتا – المطر -، الشتا صحّانا، وهيك شايفة الميّه، السقعة اصلاً احنا ما بنعرفش ننام منيح.

المراسلة: مبتعرفوش تناموا، من البرد؟ هل في أغطية كافية عندكم؟

المواطنة: يعني بندبّر حالنا، يعني أنا وأختي بنتغطّى مع بعض و ..

المراسلة: قدّيش صار لك في ها الخيمة؟

المواطنة: احنا صار إلنا شهرين.

المراسلة: شو هادول الشهرين من عمرك؟

المواطنة: هادول يعني أصعب شهرين يمرّوا في عمرنا.

المراسلة: شو كان اصعب إشي؟

المواطنة: أصعب إشي، كل إشي، الحرب و دارنا راحت وجينا هينا وبالسقعة وبالشارع ومش لاقيين مكان، يعين الله.

المراسلة: هاي أصعب إشي؟ والمطر والبرد؟

المواطنة: والمطر والبرد وكل إشي، وغير لمّا انّه يكون شوب – حار – مابنقدرش إنّه نفوت هينا، إنّه تكون الخيمة كتير شوب.

المراسلة: بتصير كتير حر وكتير برد؟

المواطنة: آه 

المراسلة: مافيش جو؟

المواطنة: مافيش جو، يا بنقعد هين برّه.

المراسلة: الله يكون في عونك.

المواطنة: بعين الله، الله يعافيكي.

المراسلة( لأحد الأطفال): أنت ليه حافي؟

الطفل: شبشبي جوّا بس ..

المراسلة: فيش شبشب يعني؟

الطفل: آه، فشّ، بس شبشبي مع أختي.

المراسلة: مع أختك؟

المواطنة: لأنّه شباشب البنات مقطوعين.

المراسلة: في بديل لو حدا اتقطع شبشبه؟

المواطنة: بوات بنلبس.

المراسلة: مافيش بديل؟

المواطنة: آه فشّي، فشّي ما انتِ شايفة.

المراسلة: أنا شايفة حتى انتِ لابسة شيء بارد.

المواطنة: آه كتير سقعة.

المراسلة: في غيره؟

المواطنة: الشبشب؟ لا فشّي.

الطفل: كلهم بيتقاتلوا عليه هذا الشبشب.

المراسلة: شبشب واحد الكل بيتقاتل عليه؟ ليش؟

الطفل: أنا بلبسه، بطلع برجع، هي بتلبسه. بنبدّل أنا ويّاها، مرّات أنا بنام هي بتاخده خلاص.

المراسلة: يعني انت وأختك بتتقاتلوا ع نفس الشبشب؟

الطفل: آه، مفيش عندي شبشب انقطع، وهان انقطع.

المراسلة: لو بدّك تنزل تشتري بالسوق بتلاقي؟

الطفل: لا، فشّي شباشب، قلبنا الدنيا ع شبشب فشّي، ملقيناش إلّا هذا الشبشب شريناه بـ 10 شيكل (نحو 3$).

المواطنة: ملقيناش وغير إنّه الأسعار كتير عالية. ما فشّي وإن لقيت شبشب بيحكيلك هذا بـ 40 – 50 (11 – 14$).

المراسلة: الدور عليه كيف الدور لمين هو؟ يعني مين بيلبسه؟

الطفل: أنا.

المراسلة: وأختك؟

الطفل: مرّات بتلبسه.

المراسلة: بتسمحلها تلبسه؟

الطفل: آه

المراسلة: جدع انت، دير بالك عليها، طيب، يلّا خلّوني أطلع، الله يعينكم ويعطيكم العافية.

ونخرج من هذا الجو البارد داخل الخيمة إلى الجو الأبرد خارجه، وهذه الأسر هنا تتجمّع على الرغم من برودة الجو، أحدهم عائد من السوق، راجع من السوق؟

المواطن: صحيح، أي نعم صحيح.

المراسلة: يعطيك العافية.

المواطن: الله يعافيكي، والله اشترينا شوية أغراض لكن .. 

المراسلة: لغداء الجمعة؟

المواطن: لغداء الجمعة لكن .. 

المراسلة: في غداء جمعة صحيح؟

المواطن: ما فشّي، عندي الجمعة زي السبت، والسبت زي الأحد، وكله زي بعض والحمد لله رب العالمين أيش بدّك أكتر من هيك، كوز اللبن أبو نص شيكل، هذا حرب التجار طبعاً، فوق الحرب تبعة الاحتلال في حرب تجار كمان عندنا، أبو نص شيكل هذا بـ 3 شيكل، الرز هذا أبو الـ 4 شيكل بـ 12، البصل بـ 45 شيكل البصل كيلو.

المراسلة: كيلو البصل بـ 45 شيكل؟

المواطن: آه في جشع من التجار، حرب يعني، مفروض اللي عنّا هانا يحكموهم ويكسّروهم كمان ويضربوهم، لأن احنا في وضع مأساوي يعني الكلمة، بكل العرف يعني المفروض راعونا وراعوا حالنا ومصالحنا.

المراسلة: أنا شايفاك مشتري نتفة صلصة.

المواطن: هاي الصلصة بـ 4 شيكل، هذه بـ 4 شيكل.

المراسلة: حق علبة كبيرة.

المواطن: حق علبة كبيرة صحيح أي نعم آه، احنا بنواجه حرب عنّا قوية حتى أنا نسيت الحرب تبعة اليهود صرت حرب اللي هانا هلقيت، أنا بتذكّر في الأكل هانا في الشرب، نسيت الحرب، الوضع عنّا مأساوي للغاية غير الخيم، احنا بنطلب في خيم وما بيجيناش، بنشوفش الخيم.

المراسلة: اللي طايل – القادر – بيشتري اليوم وبيصرف هل في إلُه مصدر دخل يشتري ويصرف منّه؟

المواطن: أنا يومي بشتغل، أنا يومي وما بدخلش عليا حاجة، أنا من باب الله بيجيلي من هان مصاري من هان من باب الله ويا دوب ساتر حالي، أنا عندي 7 أنفار في الدار.

المراسلة: وين قاعد، في خيمة؟

المواطن: أنا قاعد مش في خيمة، يا ريتها خيمة، كل يوم بتقع عليّا الخيمة، وبقعد أدقدق يعني زهقنا المسمار والشاكوش زهقني وأنا بأدقدق فيها. 

المراسلة: حتى انت بتقول مش خيمة، ما اسمهاش خيمة.

المواطن: أنا بطلب في خيمة بيقولولي روح لفلان روح لعلتان.

المراسلة: الليلة كيف مضت عليك؟

المواطن: الليلة طول الليل وأنا ماسك القشّاط – عصا التنشيف – أكرمكم الله وماسكها زي هيك وبنزل في الميّه، ومرّة الخشبة انكسرت كمان ودقيتها في نص الليل، يعني وضع مأساوي جداً للغاية، متبهدلين بهدلة ما يعلم فيها إلّا الله، واللي عنّا التجار هادول مفروض يضبطوهم.

المراسلة: كيف عامل الجو والأولاد الصغار؟

المواطن: هذا شق المرض هذا يعني يعجز اللسان عنّه، أمراض، 24 ساعة الولد بيكحكح، إسهال كحّة سخونة لوَز كل الأمراض، أعزكم الله الجرب دبّ الناس هانا، فشّي صرف صحي ما فشّي هانا، ما فش حاجة إنّه الحياة تمشي، صعبة وضعنا مأساوي للغاية، الله يعيننا يا شيخ ويصبّرنا على اللي احنا  البلا اللي احنا فيه.

المراسلة: إذاً شكاوى المواطنين النازحين هنا في هذه المناطق وفي هذا الجزء من قطاع غزة الذي كان سابقاً يعاني من مشاكل عديدة قبل بدء الحرب، وهو الآن يواجه أعداد كبيرة جداً من النازحين الذين أجبرتهم إسرائيل على القدوم إلى رفح وعلى النزوح إلى رفح.

هكذا تبدو الظروف والصورة والحال في مدينة رفح.. بركة مياه بطين وبظروف قاسية بجانبها خيمة لأسرة نستطيع أن نرى من هنا كل ما في داخل هذه الخيمة، إمكانات بسيطة صُنعت منها وظروف أقسى في داخلها ولكل واحد منهم قصته ومأساته الخاصة.

الله يعطيكوا العافية

المواطن: الله يعافيكي، أهلا وسهلا.

المراسلة: انتوا في خيمة ولّا شو الوضع؟

المواطن: نص خيمة

المراسلة: نص خيمة، فيها ناس بيناموا فيها؟

المواطن: هيك شايفة، عندك الأولاد كلهم ما شاء الله كلهم الحمد لله رب العالمين كلهم مريضين، من سعال من كحّة من أكرمكم الله اللي هو الإسهال، في كمان المرض اللي هو الكبد الوبائي، هذا موجود بكثرة بيناتنا، بنحاول قدر المستطاع إن إحنا يعني .. هذا ابني الحمد لله يعني هيك شايفة الوضع اللي احنا فيه.

والله هو مصاب بالمناسبة يعني، لكن الحمد لله طلع منها، من ضربة معسكر جباليا اللي هي الكبيرة اللي صارت بمعسكر جباليا من بين الأنقاض، طبعاً احنا كلنا عائلة مرّة واحدة كنّا طلعنا من بين الأنقاض، الحمد لله نجّانا، في عنا شهداء في عنا عائلات طبعاً بنات من بناتنا الله يرحمهن استشهدن وهيّك شايفه الوضع.

المراسلة: من تحت الأنقاض إلى النزوح وإلى الخيم، شو كان أقسى ما مررت فيه في ها الحرب واحنا اليوم بدنا نصير 120 يوم؟

المواطن: النزوح اللي أنا فيه، أكون في بيت ساكن في ملكي عايش في رخاء وفي أمان وفي طمأنينة لمكان أنا مجهول، أنا أول حاجة أول مرّة في حياتي عمري 40 سنة قربت على 40 سنة أصل رفح، مكان لا بعرف فيه حدا ولا حدا بيعرفني ولا حدا بيسأل عنّي ولا مدوّر علينا، يعني لا مؤاخذة يعني خيمة يعني قاعدين نطلب احنا شوادر – سواتر – على الأقل نقاوي حالنا من الأمطار، ولا حرّك ساكن من الناس، يعني مفشّي، المسؤولين اللي بنسمع عنهم مسؤولين مش موجودين، بنشوف الأصل كونك أنت مسؤول على منطقة..

المراسلة: بتسمعوا قصف؟

المواطن: بنسمع، الليلة كان في قصف والزنّانة والكواد كابتر تقول إن المنطقة ..

المراسلة: يعني وانتوا هنا حاسّين بأمان؟

المواطن: احنا؟ الأمان؟ لا مش موجود لأنّه إي وقت احنا مشاريع زي ما بيقولوا مشاريع شهادة، أي وقت ممكن احنا نستشهد، بنستنّى قدرنا، لأنّه احنا أكتر ناس أهل الشمال وأهل غزة أكتر ناس في محافظات قطاع غزة عانوا ويلات الحرب وشافوا والحمد لله يعني بيوتنا كلها اتدّمرت واتهدّمت واحنا طلعنا والقصف فوق رؤوسنا.

احنا قعدنا في الشمال حوالي 50 يوم بعد هيكا طلعنا على الجنوب نزحنا بسرعة، ليش؟ لأنّه من القصف العشوائي اللي صار علينا في الشمال، وهينا الحمد لله قصف تاني هو قصف غلاء الأسعار اللي عنا في الجنوب، يعني لا مؤاخذة احنا اليوم ..

المراسلة: هل في هاي الحالة بتقدر تأمّن أنه ما يوصل ميّة مطر لبيتك لخيمتك لعيلتك؟ 

المواطن: صعب جداً جداً إن أنا أقدر أمنع المطر يدخل. يعني احنا نايلون هايكي شايفة، وبالعافية نقدر احنا، يعني قبل يومين عنا النايلون مبعوط – مشقوق – كان دخلت علينا الأمطار الحمد لله والولد كان مريض عندي، أخدناه على عيادة الوكالة وعلى المستشفى الاندونيسي الميداني ونحاول قدر المستطاع إن احنا نحافظ على أولادنا.

وهيّك شايفة كيف الأرض كيف كله بتزحلق كيف بيقع على الأرض، ملابس فشّي، يعني هذا جاكيت علي قسماً بالله هذي الجاكيت إلها عليّ من أول الحرب ما بدأت ما عندي غيرها والحمد لله رب العالمين.

المراسلة: الله يعطيك العافية.

المواطن: الله يعافيكي.

المراسلة(تتحدث لأحد الأطفال): لمين هذا، تعالى اسألك، لمين هذا؟

الطفل: هذا تبع الشهيد، جوز خالتي، خالتي مرَتُه، أخوه لجوز خالتي استشهد، جابتلي هاذ.

المراسلة(تدخل إحدى الخيام): سنذهب إلى هذه الخيمة اتقاءً لمياه الأمطار التي اشتدت وربما ايضاً نعرف ظروف هذه العائلة، الله يعطيك العافية، هنا موجودين أنت وعيلتك، كم شخص؟

المواطن: 5.

المراسلة: كيف الظروف؟

المواطن: زي ما انتِ شايفة.

المراسلة: الميّ، يعني الصورة لحالها، هذا الوضع طول الليل هيك؟

المواطن: طول الليل آه، هذا الطبيعي، هاي الجردل، ننضح فيه الميّه، طبعاً أنا بشتغل نفس النظام طول الليل (يوضح لها كيف ينضح المياه) بعمل زي هيك بنضح الميّه بعصرها في الجردل، طبعاً طينة وميّه، طينة وميّه طول الليل شغّالين حسبي الله ونعم الوكيل فيهم، هيك طول الليل بنشتغل، نفس الموّال، ننضح ميّه.

طبعاً عندي أطفال صغار من اقل إشي بيعيوا -يمرضوا-، عندي هذه البنت برضه في الحرب هذي انحرقت، هيها إيدها وصدرها من هانا كله درجة تانية، فرحنا نقدم مساعدات طبعاً محدّش بيفيد حدا، واليوم كلها محسوبية للكل.

المراسلة: هي في حاجة لدواء؟

المواطن: البنت، آه طبعاً علاجات حروق. ما فشّي، بندهّن كريم بسيط يعني، مش موجود.

المراسلة: شو نفسك يصير يا جوري قولي لي؟

الطفلة جوري: ارجع ع الشمال. 

المراسلة: نفسك ترجعي ع الشمال؟ حلو الشمال؟ وين أحلى مكان في الشمال؟

جوري: تل الزعتر.

المراسلة: تل الزعتر عند بيتكم؟ يا حبيبتي إن شاء الله بترجعي قريب. 

المواطن: هاي ميّه برضه وهناك ميّه كلها داير ما يدور كله ميّه عننا مبهدلين، كل مطر نفس الموّال، نطلع ونتغرّق. كل شي نفس الموّال، كل مطر نفس الموّال نشتغل هذا، برضه هاي في صحن هنا، ايش نساوي هذا حالنا طبعاً النايلون هذا لا بيحمي لا شتا ولا برد ولا أي حاجة.

طبعاً في النهار في الشمس طالعة هنا حر بنطلع برّه، في الليل تلج ما فشّي يعني فرشات والحرامات هادولا شري اشتريناهم بمصارينا يعني بدل ما يجيبوا لنا مساعدات احنا بنشتري عشان ندفّي أولادنا بس مش أكتر. 

المراسلة: هذا ما يمكننا رصده وما لا يمكننا رصده اكثر من أوجاع وهموم ومآسٍ لدى كل واحد من أهالي قطاع غزة الذين أجبرتهم إسرائيل على ترك منازلهم، دمّرتها خلفهم وتركتهم للمجهول للنزوح بكل ما فيه من همٍّ ووجع وبكل ما فيه من قسوة ومعاناة.

من مدينة رفح كنّا معكم مشاهدينا في هذه الجولة في اليوم الـ 119 للحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، في أمان الله.

تشارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *